قال الميموني: رأيت أبا عبد الله عمامته تحت ذقنه ويكره غير ذلك وقال العرب أعمتها تحت أذقانها وقال أحمد في رواية الحسن بن محمد يكره أن لا تكون العمامة تحت الحنك كراهة شديدة وقال إنما يتعمم بمثل ذلك اليهود والنصارى والمجوس. انتهى. فتبين لك من صنيع هؤلاء أنه لو كان المقصود منهم الاقتداء برسول الله –صلى الله عليه وسلم- في هديه وفي لباسه لفعلوا كما فعل ولم يبتدعوا زياً وشعاراً يخالف هديه فهذا ما تيسر لي من الجواب مع تكدر البال وكثرة الاشتغال والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين الحمد لله وحده.
تنبيه: ذكر الشيخ صديق بن حسن في كتابه "الدين الخالص" في صفحة سبع وأربعين وستمائة على قوله –صلى الله عليه وسلم- في حديث ركانة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال "فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس" رواه الترمذي وقال هذا حديث غريب إسناده وليس بالقائم. انتهى. وفيه دلالة على أن الكفار والمشركين يستعملون العمائم بلا قلنسوة وأن المسلمين زيهم أن يلبسوها عليها وليس فيه أن لبس القلانس ممنوع بل فيه فضيلة العمامة عليها وأن لا يكون الاقتصار على واحد منهما أبداً بل يجمع بينهما ويتميز عن أقوام لا يلبسون العمائم أصلاً ويقنعون على القلانس فقط كالنصارى ومن ضاهاهم من أجيال أخرى وعن أرهاط لا يلبسون القلانس بل يستعملون العمائم فقط كالهنود ومنهم من لا يلبس قلنسوة ولا عمامة بل يبقى مكشوف الرأس أبداً كأناس بنجالة في الهند ومنهم من يجمع بينهما لكن على زي الأعاجم دون العرب ومراده –صلى الله عليه وسلم- بالعمائم في هذا الحديث هي التي كان يلبسها هو وأصحابه وتابعوهم وهي مضبوط مصرح