وقته أحد يلبس هذه العصائب ولا أمر الناس بلبسها ولا ذكر أنها من السنن ولا أنكر على الناس ما كانوا يعتادونه من هذه الملابس كالعقل وغيرها لأنها من العادات الطبيعية لا العبادات الدينية:
فخير الأمور السالفات على الهدى ... وشر الأمور المحدثات البدائع
الوجه السادس: أن السنة في الأصل تقع على ما كان عليه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وما سنه أو أمر به من أصول الدين وفروعه حتى الهدي والسمت وعلى هذا فيكون الأصل في موضوعها هو ابتداء فعل أو قول لم يكن قبل ذلك مقولاً ولا مفعولاً ثم صار بعد الأمر بذلك مسنوناً مشروعاً لأن العبادات مبناها على الأمر وبيان ذلك أن الصحابة –رضي الله عنهم- كانوا إذا فات أحد منهم بعض الصلاة مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قضاها قبل السلام فجاء معاذ –رضي الله عنه- وقد فاته بعض الصلاة مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وفرغ من الصلاة فقام معاذ فقضى ما فاته منها فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "إن معاذ قد سن لكم سنة فاتبعوها" هذا هو المعروف من لفظ السنة وموضوعها وهذا بخلاف العمائم فإن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لم يسن لأمته لبسها بل كانت هي عادة العرب قبل الإسلام وبعده فما وجه تسميتها بالسنة وتخصيصها لو كانوا يعلمون وإذا كانوا لا يعلمون أنها ليست سنة فهلا سألوا إذا لم يعلموا فإنما دواء العي السؤال والله أعلم.
وأما قول السائل: وكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فنقول: الكلام فيه كالكلام في الأزمان والأشخاص والأحوال يراعي فيه ما هو الأصلح وهو على المراتب الثلاث باليد فإن عجز عن ذلك فباللسان فإن عجز فبالقلب وذلك أضعف الإيمان ولكن ينبغي للآمر والناهي أن