منها بشفاعة من يأذن له في الشفاعة وبفضله ورحمته كما استفاضت بذلك السنة عن النبي –صلى الله عليه وسلم والله أعلم. انتهى.
وأما قول السائل: وإذا كان في حق المسلم المعاصي فما القدر الذي ينبغي أن يهجر لأجله.
فنقول: القدر الذي ينبغي أن يهجر لأجله هو ما تقدم ذكره من هجر من يظهر المسكرات حتى يتوب منها لكن ينبغي أن يعلم أن الذنوب والمعاصي متفاوتة في الحد والمقدار فمنها ما هو من قسيم الكبائر ومنها ما هو من قسيم الصغائر فيهجر العاصي على قدر ما ارتكبه من الذنب {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} ولا يسوى بين الذنوب في الهجر ويجعل ذلك باباً واحداً إلا جاهل لأن الهجر من باب التأديب والمقصود به بيان الحق ورحمة الخلق والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يحقره وإذا أفضى ذلك إلى التقاطع والتدابر والتباغض والتحاسد لم يكن الهجر مشروعاً لأن مفسدته أرجح من مصلحته وقد بلغني أن بعض هؤلاء الهاجرين لمن يرتكب شيئاً من الذنوب والمعاصي إذا قال لهم المهجور أستغفر الله وأتوب إليه وأقر على نفسه بالذنب وتاب إلى الله منه لم يقبلوا ذلك منه بل يستمرون على هجره ومعاداته وهذا خلاف ما شرعه الله ورسوله بل هذا من باب التشفي والانتقام لا من باب الرحمة والإحسان بالمسلم والواجب أن ينصح الرجل أخاه المسلم عن هذا الذنب فإن تاب منه فهو المطلوب وإن لم يتب واستمر على معصية هجره حتى يتوب منها إن كانت المصلحة في حقه أرجح وإن لم ينزجر عنها وكانت المفسدة في حقه أرجح من المصلحة لم يكن الهجر مشروعاً كما ذكر ذلك شيخ الإسلام.
وقوله: وهل يفرق بين الأحوال والأشخاص والأزمان؟