لكنه غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم المرشد وقد ذكر ابن القيم –رحمه الله تعالى- "الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية" وفي طبقات المكلفين من كتاب "طريق الهجرتين" أن القسم الثاني من العاجزين عن السؤال والعلم الي يتمكن به من العلم والمعرفة قسمان أيضاً، أحدهما مريد للهدى مؤثر له محب له غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم المرشد، فهذا حكمه حكم أرباب الفترات، وممن لم تبلغه الدعو، الثاني معرض لا إرادة ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه فالأول يقول: يا رب لو أعلم لك ديناً خيراً مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه، فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي، والثاني راض بما هو عليه لا يؤثره غيره ولا تطلب نفسه سواه، ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته، وكلاهما عاجز وهذا لا يجب أن ييحلق بالأول لما بينهما من الفرق، فالأول كمن طلب الدين في الفترة فلم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغه الوسع في طلبه عجز الطالب وعجز المعرض، وهذا ملخص ما ذكره ابن القيم وقد ذكرنا بتمامه في جواب المسألة التي سأل عنها أحمد بن دهش فراجعه فيها، لكن ينبغي أولاً أن يعلم أن العوام من المسلمين، وكذلك البوادي ممن كان ظاهره الإسلام لا يكلفون بمعرفة تفاصيل الإيمان بالله ورسوله، وتفاصيل ما شرعه الله من الأحكام، لأن ذلك ليس في طاقتهم ولا في وسعهم، بل يكتفي منهم بالإيمان العلم المجمل كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية –قدس الله روحه- في كتابه "الإيمان" وقال في "منهاج السنة" لا ريب أنه يجب على كل أحد أن يؤمن بما جاء به الرسول –صلى الله عليه وسلم- إيماناً عاماً مجملاً ولا ريب أن معرفة ما جاء به الرسول –صلى الله عليه وسلم- التفصيل فرض على الكفاية، فإن ذلك داخل في تبليغ ما بعث به رسوله –صلى الله عليه وسلم-، وداخل في تدبر القرآن وعقله وفهمه، وعلم الكتاب والحكمة وحفظ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015