وسمى العاصي فاسقاً في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} وقال في الذين يرمون المحصنات {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} وقال {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} وليس الفسوق كالفسوق، وكذلك الشرك شركان شرك ينقل عن الملة وهوالشرك بالله الأكبر، وشرك لا ينقل عن الملة وهو الأصغر كشرك الرياء وقال تعالى في الشرك الأكبر {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} وقال {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ} الآية وقال في الشرك والرياء {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} ، وفي الحديث "من خلف بغير الله فقد أشرك" ومعلوم أن حلفه بغير الله لا يخرجه عن الملة ولا يوجب له حكم الكفار ومنه هذا قوله –صلى الله عليه وسلم- "الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل" فانظر كيف انقسم الكفر والفسوق والظلم إلى ما هو كفر ينقل عن الملة وإلى ما ينقل عنها، وكذلك النفاق نفاقان. نفاق اعتقاد ونفاق عمل، ونفاق اعتقاد مذكور في القرآن في غير موضع، وأوجب لهم عقاب الدرك الأسفل من النار، ونفاق العمل جاء في قوله –صلى الله عليه وسلم- "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر وإذا ائتمن خان" وكقوله –صلى الله عليه وسلم-: "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذاب وإذا اؤتمن خان وإذ وعد أخلف" قال بعض الأفاضل: وهذا النفاق قد يجتمع مع أصل الإسلام وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم، فإن الإيمان ينهى عن هذه الخلال فإذا كملت للعبد لم يكن له ما ينهاه عن شيء منها، فهذا لا يكون إلا منافقاً