أنه لو كان مناط الإسناد الحقيقي اعتبار الخلق والإيجاد وأن الله هو الفاعل حقيقة كما توهم صاحب الرسالة لزم أن يكون إسناد أفعال العباد كلها إلى الله تعالى حقيقياً فإن اعتقاد أهل السنة والجماعة أن الخالق لأفعال العباد هو الله تعالى وهذا يقتضي أن يتصف الله تعالى حقيقة بالإيمان والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد وصلة الرحم وغير ذلك من الأعمال الحسنة؛ وكذلك يتصف حقيقة بالأعمال السيئة من الكفر والشرك والفسق والفجور والزنا والكذب والسرقة والعقوق وقتل النفس وأكل الربا وغيرها، فإنه تعالى هو الخالق لجميع الأفعال حسنها وسيئها والتزام هذا فعل من لا عقل له ولا دين فإنه يستلزم اتصاف الله تعالى بالنقائص وصفات الحدوث واجتماع الأوصاف المتضادة المتناقضة والثاني لو كان مناط الإسناد المجازي اعتبار التسبب والكسب كما زعم هذا الزاعم لزم أن لا يكون الإنسان حقيقة مؤمناً ولا كافر ولا براً ولا فاجراً ولا مصلياً ولا مزكياً ولا صائماً ولا حاجاً ولا مجاهداً ولا زانياً ولا سارقاً ولا قاتلاً ولا كاذباً، فبطل الجزاء والحساب وتلغو الشرائع والجنة والنار، وهذا لا يقول به أحد من المسلمين.
والثالث: أن دعوى كون الأنبياء والصالحين سبباً للغوث وكسباً، محتاج إلى إقامة الدليل ودونه لا تسمع بالجملة فهذه شبهة داحضة ووسوسة زاهقة تنادي بصوت على صاحبها بالجهل والسفة فتبين مما تقدم الفرق بين الحي والميت وأن الميت لا يقدر على شيء مما يقدر عليه الحي من الأسباب العادية، فإن الأسباب العادية التي يقدر عليها الحي وفي وسعه فهي وإن حصلت من العب فهي حقيقة لا مجاز، ولا ينازع في هذا من عرف شيئاً من اللغة والعبد يفعل حقيقة فيأكل حقيقة ويشرب حقيقة وينصر أخاه ظالماً أو مظلوماً حقيقة، والله سبحانه