وثبوته فليس فيه إلا أنه –صلى الله عليه وسلم- إذا رأى شراً استغفر لأمته، ولم يأمر –عليه الصلاة والسلام- من أذنب أن يسأله الاستغفار، ولا أن يتوسل به ويستشفع به، فلا يكون فيه حجة على طلب ما لم يأمر به، ومن زعم ذلك فقد افترى على الله وعلى رسوله، وقال ما لا علم له به لأن ذلك لم ينقل عن أحد من أصحابه، ولو كان ذلك مشروعاً مطلوباً لكانوا أسبق النار إليه، وأرغبهم فيه، وإذا لم يكن ذلك منقولاً عن أحد منهم كان ذلك دليلاً على عدم مشروعيته والله أعلم، وكذلك ما ذكر في الحديث الرابع من أن امرأة أتت النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال له يا رسول الله صل عليّ وعلى زوجي، فقال –صلى الله عليه وسلم-: "صلى الله عليك وعلى زوجك" فهذا ليس فيه إلا الدعاء، لها ولزوجها، وهذا لا ينكره أحد، ولا نزاع في جوازه في حياته، وأما بعد وفاته فممنوع لما تقدم من الأدلة المانعة من ذلك، وهذه الآيات التي ذكرها هذا الملحد كذلك، والأحاديث التي تقدم ذكرها على تقدير صحتها وثبوتها ليس فيها ما يدل على مطلوبه، ولكن من يرد الله فتنته فلن تملك من الله شيئاً ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور, قال الله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ , وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} وهذا الضرب من الناس قد انتكست قلوبهم وعمي عليهم مطلوبهم وغلظ من معرفة الله ودينه وشرعه حجابهم، وكثر في باب العقائد الديانات اضطرابهم، ولا عجب من ذلك فإنهم قد كانوا من الهمج الرعاع، اتباع كل ناعق لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق من الفهم.