ثم قال: الخامس في سورة الأعراف {أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ} فهذا موسى –عليه السلام- يطلب لقومه مغفرة ذنب طلبهم رؤية لله تعالى وعبادتهم العجل، وما أنكر الله عليه ذلك بل أجاب على الشروط المذكورة بعد هذه الآية.
فيقال لهذا الذي أعمى الله بصيرة قلبه: وهذا من جنس ما قبله ليس فيه إلا دعاء الله، وطلبه المغفرة للمذنبين من قومه، وهذا من أفضل العبادات وأجلها، ولا مانع من ذلك فإن هذه عبادة مأمور بها، وإذا كان، وإذا كان هذا عبادة لله مأموراً بها فكيف يقاس عليها سؤال المخلوق الميت العاجز الذي قد انقطعت حركته وعمله وهو لم يكن طاعة لله ولا عبادة له ولا مأموراً بها، بل هي معصية لله مخالفة ما أمر الله به ورسوله؟ وكذلك قوله: السادس في سورة نوح {رَبِّ اغْفِرْ لِي} الآية وجوابه في هذا ما تقدم، وكذلك قوله: السابع في آخر سورة المائدة قول المسيح –عليه السلام- {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} الآية فهذا المسيح –عليه السلام- يطلب المغفرة لقومه، فهذا شفقة الأنبياء والرسل ورحمتهم بأممهم، عظيم ما يفعلون، وقبيح، وقبيح ما يعتقدون، وأي خسران أقبح ممن يجيد عن سنتهم ولا يجعلهم وسيلة إلى ربه، وجوابه، عن هذه ما تقدم الأجوبة، نقول: أي خسارة أخسر من خسارة من سوى بين الله وبين خلقه وجعلهم وسيلة ووسائط فيما لا يقدر عليه إلا الله وقد أمر الله بدعائه واستغفاره ونهى أن يدعى معه أحد غيره، فكيف يقاس ما نهى عنه على ما أمر به، فإن هذا طاعة، وهذه معصية، ثم ذكر آيات في النوع الثاني المؤمنين على نحو ما سبق، ثم قال هذا استنباط ألقاه الله في روعي ولم أره في كلام أحد فهذا يكفي في جوابه أنه مما ألقي في روعه ولم يقله أحد قبله فكان من