وأما قوله فإذا علمت هذا وفهمت كيف دخولا بالتحريف والمغالطة على العوام فاعلم أن علماءنا ما قالوا بجواز التوسل بالأنبياء والأولياء وندبوا غليه من تلقاء أنفسهم وحاشاهم من ذلك وهم أمناء الدين وخلفاء الرسل بل أخذوه من كلام الله تعالى وكلام رسوله أمراً وفعلاً كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى وماذا عليهم إذا لم تفهم وعول نجد وجواميس مصر وبقر الشام مقاصدهم ومآخذ أقوالهم.
فالجواب أن نقول: وإذا علمت أيها المنصف ما بيناه من معنى التشفع والتوسل وأنه هو المعني والمطبق على أقوالهم وأفعالهم تبين أن التحريف والمغالطة على العوام بهم أليق وبحالهم ألصق لا أهل التوحيد والإيمان بالله المخلصين له في عبادته التاركين لعبادة ما سواه ومن أجاز هذا من علمائهم فقد أجاز الشرك بالله وقال على الله وعلى كتابه ورسوله من تلقاء نفسه ما لم يأذن به الله ولا شرعه رسول الله ولا فعله الصحابة ولا التابعون والمجيزون لهذا الشرك ليسوا بأمناء الله على دينه ولا خلفاء الرسل لو لم يأخذوه من كلام الله تعالى وكلام رسوله أمراً وفعلاً كما سنبينه إن شاء الله تعالى وماذا علينا إذا لم تفهم حشرات الشام وخشاشه ومن نحا نحوهنم من القرود والخنازير والهمج والرعاع الذين يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق من الفهم إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً وكلامنا إنما هو مع المنصف الذي يخاف الله ويتقيه:
إن الكلام مع الكبار وليس مع ... تلك الأراذل سفلة الحيوان
أوساخ هذا الخلق بل أنتانه ... جيف الوجود وأخبث الأنتان