واصطلاحهم أنه هو الشرك الذي حرمه الله ورسوله وإن لم يعتقد من دعاء الأنبياء والأولياء والصالحين، واستغاث بهم في مهماته وقضاء حاجاجته وتفريج كرباته وشداته تأثير منهم فإن هذا معتقد جهال الكفار الذين قاتلهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ليكون الدين كله لله واستحل بذلك دماءهم وأموالهم ودعوى أنها موهمة بشرك دعوى مجردة كما قد بيناه فيما مضى وبينا أن هذا هو من الشرك الخفي تلبيس وتمويه على من لا معرفة له بمدارك الأحكام ولا يفرق بين الكفر والإسلام.
فالجواب أن نقول: إذا كان قصده بهذه الأفعال والأقوال الشركية التبرك فما الفرق بين هذا وبين قول من قال من الصحابة كما في حديث أبي واقد الليثي –رضي الله عنه- قال: خرجنا مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسحلتهم يقال لها ذات أنواط فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون لتركبن سنن من كان قبلكم" رواه الترمذي فقوله: وينوطون بها أسلحتهم أي يعلقونها عليها للبركة فأخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- أن هذا الأمر الذي طلبوه منه وهو اتخاذ شجرة للعكوف عندها وتعليق الأسلحة بها تبركاً بها كالأمر الذي طلبه بنو إسرائيل من موسى –عليه السلام- حيث قالوا: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، فمن طلب من غير الله شيئاً أو تعلق عليه لأجل البركة فقد اتخذه إلهاً مع الله بنص كتاب الله وسنة رسوله وإن تغيرت الألفاظ واختلفت فإن الأمور بحقائقها ولا تتغير