عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "أيها الناس أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"، وقال في النساء: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن"، وأما الغرباء فلا يمكنهم أن يصلوا الفريضة فيه دائماً لأن الفرائض لها أوقات محدودة فيستكثروا من التنفل فيه وكذلك المسجد الحرام ولهذا استحبوا في جواز شد الرحال إلى غير الثلاثة المساجد: المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، فيجوز بعض العلماء ذلك كأبي حامد الغزالي وأبي الحسن بن عبدوس الحراني وأبي محمد بن قدامة المقدسي ومنعه بعض العلماء كأبي عبد الله ابن بطة وأبي الوفاء ابن عقيل وطوائف كثيرة من المعلماء المتقدمين، وحجة هؤلاء ما ثبت في الصحيحين عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تشد الرحال إلا إلا ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا" وهذا الحديث اتفق الأئمة على صحته والعمل فلو نذر الرجل أن يصلي في مسجد أو مشهد أو يعتكف فيه أو يسافر إليه غير هذه الثلاثة لم يجب عليه ذلك باتفاق الأئمة، ولو نذر أن يأتي المسجد الحرام لحج أو عمرة وجب عليه ذلك باتفاق العلماء، ولو نذر أن يأتي مسجد النبي –صلى الله عليه وسلم- أو المسجد الأقصى لصلاة أو اعتكاف وجب عليه الوفاء بهذا النذر عند مالك والشافعي وأحمد، فإنهم يوجبون الوفاء بكل طاعة كما ثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" الحديث رواه البخاري.
وأما السفر إلى بقعة غير المساجد الثلاثة فلم يوجب أحد من العلماء السفر إليها إذا نذره حتى نص بعض العلماء على أنه لا يسافر إلى مسجد قباء لأنه ليس من الثلاثة مع أن مسجد قباء تستحب زيارته لمن كان بالمدينة لأن ذلك ليس