ولا آمنوا بهم وإنما هم عندهم بمنزلة أصحاب الرياضات الذين خصوا بقوة الإدراك وزكاء النفوس وزكاة الأخلاق ونصبوا أنفسهم لإصلاح الناس وضبط أمورهم لا ريب أن هؤلاء أبعد الخلق عن الأنبياء وأتباعهم ومعرفتهم ومعرفة مرسلهم وما أرسلهم به هؤلاء في شأن آخر بل هم ضدهم في علومهم وعمالهم وهديهم وإرادتهم وطرائقهم ومعادهم وفي شأنهم كله ولهذا تجد أتباع هؤلاء ضد أتباع الرسل في العلوم والأعمال والهدي والإرادات ومتى بعث الله رسولاً يعاني التنجيم والنيرجات والظلمات والأوفاق والتدخين والنجورات ومعرفة القرانات والحكم على الكواكب بالسعود والنحوس والحرارة والبرودة والذكورة والأنوثة وهل هذه إلا صنائع المشركين وعلومهم وهل بعثت الرسل إلا بالإنكار على هؤلاء ومحقهم ومحق علومهم وأعمالهم من الأرض وهل للرسل أعداء بالذات إلا هؤلاء ومن سلك سبيلهم وهذا معلوم بالاضطرار لكل من آمن بالرسل –صلوات الله وسلامه عليهم- وصدقهم فيما جاءوا به وعرف مسمى رسول الله وعرف مرسله وهل كان لإبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام- عدو مثل هؤلاء المنجمين الصائبين و "حران" كانت دار مملكتهم والخليل أعدى عدو لهم وهم المشركون حقاً والأصنام التي كانوا يعبدونها كانت صور وتماثيل للكواكب وكانوا يتخذون لها هياكل وهي بيوت العبادات لكل كوكب منها هيكل فيه أصنام تناسبه فكانت عبادتهم للاصنام وتعظيمهم لها تعظيماً منهم للكواكب التي وضعوا الأصنام عليها وعبادة لها وهذا أقوى السببين في الشرك الواقع في العالم وهو الشرك بالنجوم وتعظيماً واعتقاد أنها أحياء ناطقة ولها روحانيات تتنزل على عابديها ومخاطبيها فصوروا لها الصور الأرضية ثم جعلوا عبادتها وتعظيمها ذريعة إلى عبادة تلك الكواكب واستنزال روحانياتها وكانت الشياطين تتنزل