كمن نهى عما أمروا به من عبادة الله وحده وأمر بما نهوا عنه من الشرك بالمخلوقات كلها بالملائكة والأنبياء والشمس والقمر والتماثيل المصورة لهؤلاء وغير ذلك ومن كذبهم فيما أخبروا به من إرسال الله لهم وما أخبروا به عن الله من أسمائه وصفاته وتوحيده وملائكته وعرشه وما أبخروا به من الجنة والنار والوعد والوعيد فلا ريب أن من كذب ما أخبروا به ونهى عما أمروا به وأمر بما نهوا عنه فقد عاداهم وعاندهم وأما من صدقهم فيما أخبروا به وأطاعهم فيما أمروا به فهذا هو المؤمن ولي الله الذي والاهم واتبعهم وإذا كان كذلك فننظر فيما جاء عن نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم- وغيره من الأنبياء إن كانوا أمروا بالسفر إلى القبور كما يسافر المسافرون لزيارتها يدعونها ويستغيثون بها ويطلبون منها الحوائج ويتضرعون لها أي لأصحابها ويرون السفر إليها من جنس الحج أو فوق أو قريب منه فمن نهى عما أمر به الرسول ورغب فيه يكون مخالفاً له وقد يكون بعد ظهور قوله إصراره على مخالفته معادياً ومعانداً كما قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} الآية وإن كان الرسول لم يأمر بشيء من ذلك ولكن شرع السفر إلى المساجد الثلاثة، وقال: "لا تشد الرحال إلى إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي ومسجد هذا، والمسجد الأقصى"، ونهى عن اتخاذ القبور مساجد ولعن من فعل ذلك وهو أهون من الحج إليها ومن دعا أصحابها من دون الله فإن هذا هو الذي جاءت به الأنبياء دون ذاك فالممخالف للرسول الأمر بما نهى عنه من شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة الأمر بالسفر إلى زيارة القبور قبور الأنبياء والصالحين وهذا السفر قد علم أنه من جنس الحج وعلم أن أصحابه يقصدون به الشرك أعظم مما يقصد الذين يتخذون القبور مساجد الذي لا ينهى عما نهى عنه الرسول من اتخاذ القبور مساجد واتخاذها عيداً وأوثاناً المعادي لمن