حب وتعظيم ديني فهو أعظم تأثيراً في النفوس ولهذا يجد كل قوم عند قبر من يحبونه ويعظمونه ما لا يجدونه عند قبر غيره وإن كان أفضل وكثير من أتباع المشائخ والأئمة لا يجد عند قبر شيخه وإمامه ما لا يجده عند قبور الأنبياء لا نبياً ولا غيره، وذلك لأن الوجد الذي يجدونه ليس سببه نفس فضيلة المزور بل سببه ما قام بنفوسهم من حبه وتعظيمه وإن كان هو لا يستحق ذلك، بل قد يكون المزور كافراً مشركاً أو كتابياً، والمحبون له المعظمون يجدون مثل ذلك وهذا كما أن عباد الأوثان الذين جعلوهم أنداداً يحبونهم كحب الله يجدون عند الأوثان مثل ذلك، وكذلك عباد العجل، قال الله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} أي حب العجل، هذا قول الأكثرين وموسى حرقه ثم نسفه فإنه كان قد صار لحماً وقيل بل أشربوا برادته التي كانت في الماء، وأن موسى برده لكونه كان ذهباً والأول عليه الجمهور وهو أصح، وقد سئل سفيان بن عيينة عن أهل البدع والأهواء أن عندهم حباً لذلك، فأجاب السائل: بأن ذلك كقوله: {وَمِنَ الْنَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادَاً يُحِبُونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ والَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبَاً للهِ} وقوله: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} والله تعالى قد ذكر حب المشركين آلهتهم وبين أن من الناس من يتخذ إلهه هواه أي يجعل ما يألهه ويعبد ما يهواه فالذي يهواه ويحبه هو الذي يعبده، ولهذا ينتقل من آله إلى أله كالذي ينتقل من محبوب إلى محبوب إذا كان لم يحب بعلم، وهذا ما يستحق أن يحب ولا عبد من يستحق أن يعبد بل أحب وعبد ما أحبه من غير علم ولا هدى ولا كتاب منزله، قال تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} إلى قوله: {سَبِيلاً} وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ} قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس ذلك الكافر اتخذ