القاضي أبي بكر ونحوه وهموا به حتى كان يختفي وإنما تستر بمذهب أحمد ثم ولى النظام وسعوا في رفع اللعنة واستفتوا من استفتوه من فقهاء العراق كالدمغاني والحنفي وأبي اسحق الشيرازي وفتواهما حجة على من بخراسان من الحنفية والشافعية وقد قيل أن أبا اسحق استعفى من ذلك ولزموه وأفتوا بأنه لا يجوز لعنتهم. وعلل الدمغاني بأنهم طائفة من المسلمين وعلل أبو اسحق بأن لهم ذبا وردا على أهل البدع فلم يكن المفتي أن يعلل رفع الذم إلا بموافقة الحديث ولهذا كان أبو إسحاق الشيرازي يقول إنما نفقت الأشعرية عند الناس بانتسابهم إلى الجبائية وهذا ظاهر عليهم وعلى أئمة أصحابه في كتبه قبل وقوع الفتنة القشيرية ببغداد، ولهذا قال ابن عساكر في مناقبه: ما زالت الجبائية والأشاعرة في قديم الدهر متفقين حتى حدثت فتنة بين القشيري ثم بعد حدوث الفتنة وقبلها لا تجد من يمدح الأشعرية إلا إذا وافق الحديث ولا يذمه من يذمه إلا بمخالفة السنة والحديث وهذا إجماع من جميع هذه الطوائف على تعظيم السنة والحديث واتفاق شهادتهم على أن الحق في ذلك ولهذا تجد أعظمهم موافقة لأئمة السنة والحديث أعظم عند جميعهم ممن هو دونهم فالأشعري نفسه لما كان أقرب إلى قول أحمد ومن قبل كان عندهم أعظم من أتباعه والقاضي أبو بكر الباقلاني لما كان أقربهم إلى ذلك كان أعظم عندهم من غيره، وأما مثل أبي المعالي وأبي حامد ونحوهما ممن خالفوا أصوله في مواضع فلا تجدهم يعظمون إلا بما وافقوا فيه السنة والحديث وبما ردوه مما يخالف السنة والحديث وبهذا القدر ينتحلون السنة وينحلونها وإلا لم يصح ذلك إلى آخر ما ذكر –رحمه الله-، فهذا ما ذكره العلماء العارفون بالله وبدينه وسنة نبيه ومقادير العلماء الأفاضل والأئمة الأماثل الذين حفظ الله بهم دينه وحموا حماه من تلاعب هؤلاء الزنادقة جعلوا فقهاء أئمة الحديث