عليهم الصلاة والسلام وهم الذين قاموا بالدين علماً وعملاً ودعوا إلى الله عز وجل ورسوله –صلى الله عليه وسلم- فهؤلاء أتباع الرسل صلوات الله عليهم وسلامه حقاص وهم بمنزلة الطائفة الطيبة من الأرض التي زكت فقبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير فزكت في نفسها وزكى الناس بها وهؤلاء هم الذين جمعوا بين البصيرة في الدين والقوة على الدعوة ولذلك كانوا ورثة الأنبياء -صلى الله عليه وسلم- الذين قال الله تعالى فيهم {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ} الإبصار في دين الله عز وجل فبالبصائر يدرك الحق ويعرف وبالقوى يتمكن من تبليغه وتنفيذه والدعوة إليه فهذه الطبقة كان لها قوة الحفظ والفهم والفقه في الدين والبصر بالتأويل ففجرت من النصوص أنهار العلوم واستنبطت منها كنوزها وزرعت فيها فهماً خاصاً كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- وقد سئل: هل خصكم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بشيء دون الناس؟ فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه فهذا الفهم هو بمنزلة الكلأ والعشب الكثير الذي أنبتته الأرض وهو الذي تميزت به هذه الطبقة عن الطبقة الثانية فإنها حفظت النصوص وكان همها حفظها وضبطها فوردها الناس وتلقوها منهم فاستنبطوا منها واستخرجوا كنوزها وغوامضها وأسرارها واتجروا فيها وبذروها في أرض قابلة للزرع والنبات ووردوها كل بحسبه قد علم كل أناس مشربهم وهؤلاء هم الذين قال فيهم النبي –صلى الله عليه وسلم- "نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" وهذا عبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن مقدار ما سمعه من النبي –صلى الله عليه وسلم- نحو العشرين حديثاً الذي يقول فيه سمعت ورأيت وسمع الكثير من الصحابة وبورك له في فهمه والاستنباط منه حتى ملأ الدنيا علماً وفقهاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015