الرجال فإنهم لن يسملوا من أن يغلطوا وقال تقلد دينك أحداً وعليك بالأثر وقال لا تكتب رأيي ولا رأي إسحاق ولا سفيان ولا الشافعي ولا مالك وعليك بالأصل، وقال عجب لقوم عرفوا الإسناد وصحته ويذهبوا إلى رأي سفيان والله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك لعله أن يرد بعض قوله فيهلك. فإذا كان هؤلاء الأئمة ينهون من تقليدهم مطلقاً فمن قلدهم مطلقاً فعليه أن يقلدهم في أن لا يقلدهم في وذلك جمع بين الضدين، وإذا كنا لا نستحق بمرتبة الاجتهاد ولا أحد منا يدعيها ولسنا نقلدهم مطلقاً، فالواجب علينا وعلى كل مسلم أنه إذا صح الدليل واستنبانت السنة أن لا نقلد أحداً مع سنة سنها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال الشافعي: أجمع الناس على أن من استبانت له السنة فليس له أن يدعها لقول أحد كائناً من كان، وإذا لم يتبين لنا مثلاً نص من الكتاب والسنة ساغ لنا أن نقلد فيها إمامنا أحمد لما تقدم بيانه من الأدلة، ولما كان عليه أئمتنا، وما ذكر هذا الملحد سوى ما أجبنا عليه من هذيانه فلا نجيب عنه ولا حاجة بنا إلى المناقشة فيما لا طائل تحته لأنه جعجعة بلا طحن وهذيان بارد ولا يستفز به كل ذي قلب سليم ولا ينخدع به إلا الخب اللئيم، ومن كان لا يستحي قال ما يشتهي، والله المستعان.
وأما ما ذكره في الفصل الثاني في أسباب اختلاف الأئمة فالذي نعتقده وندين الله به أن الأئمة الأربعة وسائر علماء أهل السنة والجماعة لم يختلفوا في أصل دينهم بل كلهم متفقون على إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له وترك عبادة ما سواه وعلى تقديم قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على قول كل أحد كائناً من كان ولا شك أنهم قد اختلفوا في الفروع وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله