النفوس مدح الزهد وما رأوا حالة أحسن من حالة هؤلاء القوم في الصورة ولا كلامًا أرق من كلامهم. وفي سير السلف نوع خشونة، ثم إن ميل الناس إلى هؤلاء القوم شديد لما ذكرنا من أنها طريقة ظاهرها النظافة والتعبد وفي ضمنها الراحة والسماع والطباع تميل إليها. وقد كان أوائل الصوفية ينفرون من السلاطين والأمراء فصاروا أصدقاء (أي بعد أن صار التصوف حرفة وتكسبًا صاحبوا الأمراء والسلاطين).

* وجمهور هذه التصانيف التي صنفت لهم لا تستند إلى أصل وإنما هي واقعات تلقفها بعضهم عن بعض ودونوها وقد سموها بالعلم الباطن.

* وعن سعيد بن عمرو البردعي، قال شهدت أبا زرعة، وسئل عن الحارث المحاسبي وكتبه، فقال للسائل: «إياك وهذه الكتب. هذه الكتب كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب». وقيل له: في هذه الكتب عبرة. قال: «من لم يكن له في كتاب الله - عز وجل - عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة. بلغكم أن مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والأئمة المتقدمة، صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء؟ هؤلاء قوم خالفوا أهل العلم يأتوننا مرة بالحارث المحاسبي ومرة بعبدالرحيم الدبيلي ومرة بحاتم الأصم ومرة بشقيق، ثم قال: ما أسرع الناس إلى البدع». (تلبيس إبليس 163 - 167). (بتصرف يسير).

كيف تجادل صوفيًا؟

كثير من المسلمين الغيورين على الدين والكارهين للتصوف وخزعبلاته يبدءون في جدال الصوفي بالأمور الهامشية الفرعية كبِدَعهم في الأذكار، وتسميتهم بالصوفية، وإقامتهم للحفلات والموالد، أو لبسهم للمرقعات أو نحو ذلك من المظاهر الشاذة التي يظهرون بها، والبدء بالنقاش حول هذه الأمور بداية خاطئة تمامًا، وبالرغم من أن هذه الأمور جميعها هي بدع تخالف الشريعة، ومفتريات في الدين، إلا أنها تُخفي ما هو أمَرّ وأعظم، ولذلك يجب على من يجادل الصوفي أن يبدأ بالأصول لا بالفروع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015