الشبهة الأولى: قال تعالى {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}
الجواب: قد اختلف العلماء في المقصود بالنور في هذه الآية، هل هو الإسلام أم القرآن أم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؟ والمقصود بالنور في هذه الآية النور المعنوي، وهو نور الهداية.
قال الإمام الطبري في تفسير هذه الآية: «يقول جل ثناؤه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب {قَدْ جَاءَكُمْ} يا أهل التوراة والإنجيل {مِنَ اللهِ نُورٌ}، يعني بالنور، محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي أنار الله به الحقَّ، وأظهر به الإسلام، ومحق به الشرك، فهو نور لمن استنار به يبيِّن الحق. ومن إنارته الحق، تبيينُه لليهود كثيرًا مما كانوا يخفون من الكتاب.
وقوله: {وَكِتَابٌ مُبِينٌ} يقول: جل ثناؤه: قد جاءكم من الله تعالى النور الذي أنار لكم به معالم الحقِّ، {وَكِتَابٌ مُبِينٌ}، يعني كتابًا فيه بيان ما اختلفوا فيه بينهم: من توحيد الله، وحلاله وحرامه، وشرائع دينه، وهو القرآن الذي أنزله على نبينا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، يبين للناس جميع ما بهم الحاجةُ إليه من أمر دينهم، ويوضحه لهم، حتى يعرفوا حقَّه من باطله».
وقال الحافظ ابن كثير: « ... أخبر تعالى عن القرآن العظيم الذي أنزله على نبيه الكريم فقال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} أي: طرق النجاة والسلامة ومناهج الاستقامة {وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ * وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي: ينجيهم من المهالك، ويوضح لهم أبين المسالك فيصرف عنهم المحذور، ويحصل لهم أنجب الأمور، وينفي عنهم الضلالة، ويرشدهم إلى أقوم حالة».
قال الإمام القرطبي: «{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ} أي ضياء، قيل: الإسلام. وقيل: محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -. {وَكِتَابٌ مُبِينٌ}. أي القرآن، فإنه يبين الأحكام. {يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ