ومع ذلك، فإن كان ولا بد فلا موجب للتقييد بزمن معين بل العام كله لإقامة الدراسات في السيرة وتعريف المسلمين الناشئة منهم والعوام وغيرهم بما تريده من دراسة للسيرة النبوية.

الشبهة التاسعة: استدلال بعضهم بعموم قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ} (إبراهيم:5) على اعتبار أن مولد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من أيام الله. فيكون الاحتفال تطبيقًا لأمر الله.

الرد: أولًا: قال الإمام الطبري - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: «يقول - عز وجل -: وعِظْهُم بما سلف من نعمي عليهم في الأيام التي خلت، فاجتُزِئ بذكر (الأيام) من ذكر النعم التي عناها، لأنها أيام كانت معلومة عندهم، أنعم الله عليهم فيها نعمًا جليلةً، أنقذهم فيها من آل فرعون بعدَ ما كانوا فيما كانوا فيه من العذاب المُهِين، وغرَّق عدوَّهم فرعونَ وقومَه، وأوْرَثهم أرضهم وديارَهم وأموالَهم».

ثانيًا: كيف فات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - استنباط هذا الحكم من هذه الآية وقد أنزِلَتْ عليه، وكيف فات الصحابة والتابعون - رضي الله عنهم - ذلك؟

فلماذا لم يحتفل الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - والصحابة والتابعون - رضي الله عنهم - من بعده بيوم ميلاده - صلى الله عليه وآله وسلم -؟ ولماذا لم يحتفلوا بيوم ميلاد آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى - عليهم السلام -؟ ولماذا لم يحتفلوا بيوم بناء إبراهيم - عليه السلام - للكعبة مثلًا؟

ثالثًا: إذا كان التذكير بكل نعمة من نعم الله - عز وجل - يكون بالاحتفال فستكون السنة كلها احتفالات؛ لأنه لا يخلو يوم من نعم لله - عز وجل - على عباده.

رابعًا: قال الإمام الطبري إنها «أيام كانت معلومة عندهم» اهـ.

أما يوم ميلاد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فغير محدد حيث اختلف العلماء في تعيينه على أقوال كثيرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015