الرد: أولًا: ماهذا التناقض؟ فهل معنى كلامه هذا أن الإنس والجن قد خلقوا لعبادة الله - عز وجل -، أما باقي ما في السموات والأرض فقد خلقوا من أجل سيدنا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -؟
ثانيًا: إذا كان باقي ما في السموات والأرض مخلوق لخدمة الإنسان ـ المؤمن والكافر ـ فهل يصح ـ حسب كلامه ـ أن نقول: إن باقي ما في السموات والأرض مخلوق لأجل فرعون وأبي جهل وبوش وشارون؟
ثالثًا: ما أنعم الله - عز وجل - به من تسخير ما في السماوات والأرض لخدمة الإنسان ليس معناه أنه لولا الإنسان ما خلقهما الله - عز وجل -.
قال الإمام الطبري: «قول تعالى ذكره: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} من شمس وقمر ونجوم {وَمَا فِي الأرْضِ} من دابة وشجر وجبل وجماد وسفن لمنافعكم ومصالحكم {جَمِيعًا مِنْهُ}. يقول تعالى ذكره: جميع ما ذكرت لكم أيها الناس من هذه النعم، نِعم عليكم من الله أنعم بها عليكم، وفضل منه تفضّل به عليكم، فإياه فاحمدوا لا غيره، لأنه لم يشركه في إنعام هذه النعم عليكم شريك، بل تفرّد بإنعامها عليكم وجميعها منه، ومن نعمه، فلا تجعلوا له في شكركم له شريكًا بل أفردوه بالشكر والعبادة، وأخلصوا له الألوهة، فإنه لا إله لكم سواه».اهـ كلام الإمام الطبري.
قال تعالى: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} (الأحقاف:3).
قال الإمام الطبري - رحمه الله -: «يقول تعالى ذكره: ما أحدثنا السموات والأرض فأوجدناهما خلقًا مصنوعًا، وما بينهما من أصناف العالم إلا بالحقّ، يعني: إلا لإقامة الحقّ والعدل في الخلق.»
قال الشيخ الشنقيطي - رحمه الله -: «وما دلت عليه هذه الآية الكريمة: من أن خلقه تعالى للسماوات والأرض، وما بينهما لا يصح أن يكون باطلًا، ولا عبثًا بل ما خلقهما إلا بالحق، لأنه لو كان خلقهما عبثًا لكان ذلك العبث باطلًا ولعبًا، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، بل ما خلقهما وخلق جميع ما فيهما وما بينهما إلا بالحق، وذلك أنه يخلق فيهما الخلائق، ويكلفهم فيأمرهم وينهاهم ويعدهم ويوعدهم، حتى إذا انتهى الأجل المسمى