أساء إليهم. ومثل هذا ينكره أهل الظاهر كما أنكره موسى، ونحن في الباطن على شريعة الخضر وهو يلتقي بنا ونتعلم منه علومًا خاصة ينكرها أهل الظاهر لجهلهم.

والعجيب أنه كان من هذا الدين الباطن الذي زعموا أخْذَه عن الخضر إتيان (الحمارة) والزنا، وشرب الخمر واللواط، والتعري، والصراخ في الطرقات، وسب المؤذنين للصلاة، وسب الأنبياء، والادعاء بأن كل مخلوق هو الله، وإلقاء السلام على الكلاب والخنازير، والترحم على إبليس ومحاولة الوصول إلى مقامه، وجعْل فرعون أعلم من موسى بالله، وتبرئة قوم نوح من الشرك، وجعل الرسول محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - هو الله المستوي على العرش. هذه الأشياء قليلة جدًا من هذا الدين الباطني الذي زعم المتصوفة أنهم نالوه عن طريق الكشف الصوفي، وهو رفع الحجب عن القلوب والأبصار لرؤية الحق على ما هو عليه، وأن الخضر - عليه السلام - هو مبلغ كل هذا لهم.

وتارة يترقون في هذا الكذب، أو بالأحرى يهوون إلى أسفل سافلين في دعاوي الكذب هذه، فيزعمون أنهم تلقوا هذه العلوم من ملك الإلهام كما تلقى محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - علومه من ملك الوحي، وأخرى يزعمون أنهم تلقوا علومهم هذه التي أشرنا إلى بعضها آنفًا من الله رأسًا وبلا وساطة، وأنها انطبعت في نفوسهم من الله رأسًا وأنهم مطالعون الأمر في الأزل بأرواحهم، والأمر في الأبد يرونه كما يكون عليه الحال يرونه كذلك بأرواحهم بغير وساطة وأن همتهم تصل السماوات وما فوقها والأرض وما تحتها.

ولقد وسع المتصوفة دائرة كشفهم هذه فزعموا أنهم يعلمون أسرار الحروف المقطعة من القرآن بطريق الكشف، وقصص الأنبياء يروونها على حقيقتها ويجتمعون بالأنبياء ويسألونهم عن تفاصيل قصصهم وما كان منهم. فيفيدون فوائد كثيرة دونها كثيرًا ما هو موجود فعلًا في القرآن، وأما الجنة والنار، فهم وإياها دائمًا رأي العين، بل هي ساقطة أصلًا من عيونهم؛ لأن النار لو بصق أحدهم عليها لأطفأها. وأما الجنة فالنظر إليها شرك وكفر لأنهم ينظرون إلى الله فقط.

باختصار لقد اكتشف المتصوفة ـ بزعمهم ـ للقرآن معاني غير التي يعرفها أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعلماء الأمة على مر العصور. لقد اكتشفوا هم عن طريق كشفهم الشيطاني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015