يدري». (فيض القدير 1/ 433). فأنتم حُطّاب ليل إن لم تأتوا بالسند صحيحاً. هذا من مذهب الشافعي.
ثانياً: هذا سندٍ قوي عن الشافعي من كتبه، فقد قال: «وأكره أن يعظم مخلوق حتى يُجعل قبره مسجداً مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس» (الأم 1/ 278). (راجع معنى الكراهة في كلام السلف في بداية هذا الكتاب)
وهذا تناقض بين القول والفعل ينزه عنه الشافعي. ولو كان هذا التبرك صحيحاً لقال له الناس: «كيف تخشى على الناس فتنة لا تخشها على نفسك!».ولو كان الشافعي محبذا للتبرك بالقبور لما نهى عن البناء عليها وأنتم لا توافقون على ذلك.
ثانياً: في عصر الإمام الشافعي لم يكن ببغداد قبر للإمام أبي حنيفة ينتابه الناس للدعاء عنده ألبته. وكان المعروف عند أهل العلم هدم ما يبنى على القبور وذلك باعتراف الشافعي نفسه. فقد روى عنه النووي قوله فيما يبنى على القبر:
«رأيت من الولاة من يهدم ما بُنىَ فيها ولم أر الفقهاء يعيبون ذلك» (المجموع 5/ 298، شرح مسلم 7/ 24).
ثالثًا: أين كان الشافعي ليأتي قبر أبي حنيفة (كل يوم) وقد كان في أول أمره بالحجاز ثم انتقل إلى مصر. وقد كان الشافعي بالحجاز بمكة أو المدينة وفيها قبر من هو خير من أبي حنيفة: وهو قبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وقبور أصحابه، فلم يعرف عنه أنه كان يأتيه ليدعو عنده ويتبرك به. فما له يفضل قبر أبي حنيفة على قبر سيد ولد آدم - صلى الله عليه وآله وسلم - وصحابته؟!
أأنتم أعلم بمذهب الشافعي أم النووي الذي حكى إجماع الأمة على النهي عن الاقتراب من القبر ولمسه باليد وتقبيله، ونقل مثله عن الحليمي والزعفراني وأبي موسى الأصبهاني؟
رابعًا: قد نهى أبو حنيفة - رحمه الله - عن التوسل إلى الله بأنبيائه ـ ولا يمكن أن يكون ذلك خافياً على الشافعي ـ فهل يرضى أبو حنيفة أن يتخذ أحد قبره للصلاة والعبادة. ولم يكن أحد من أصحاب أبي حنيفة وطبقته كمحمد وأبي يوسف يتحرون الدعاء عند قبره بعد موته. ولا يزالون ينكرون على من يمس القبر ويقولون ـ كما في (الفتاوى