لعباده، كأن يقول: اللهم إني أسألك بحبي لنبيك - صلى الله عليه وآله وسلم - أن تغفر لي، ونحو ذلك. ويتبدى هذا الفرق في أمرين:
أولهما: أن التبرك يرجى به شيء من الخير الدنيوي فحسب، بخلاف التوسل الذي يرجى به أي شيء من الخير الدنيوي والأخروي.
ثانيهما: أن التبرك هو التماس الخير العاجل، بخلاف التوسل الذي هو مصاحب للدعاء ولا يستعمل إلا معه.
وبيانًا لذلك نقول: يشرع للمسلم أن يتوسل في دعائه باسم من أسماء الله تبارك وتعالى الحسنى مثلًا، ويطلب بها تحقيق ما شاء من قضاء حاجة دنيوية كالتوسعة في الرزق، أو أخروية كالنجاة من النار، فيقول مثلًا: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بأنك أنت الله الأحد، الصمد، أن تشفيني أو تدخلني الجنة ... ، ولا أحد يستطيع أن ينكر عليه شيئًا من ذلك، بينما لا يجوز لهذا المسلم أن يفعل ذلك حينما يتبرك بأثر من آثاره - صلى الله عليه وآله وسلم -، فهو لا يستطيع ولا يجوز له أن يقول مثلًا: «اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بثوب نبيك - صلى الله عليه وآله وسلم - أو بصاقه أن تغفر لي وترحمني .. ومن يفعل ذلك فإنه يعرّض نفسه لشك الناس في عقله وفهمه فضلًا عن عقيدته ودينه.
* آثار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يُتَوسل بها إلى الله تعالى وإنما يُتَبَرَّك بها فحسب، أي يرجى بحيازتها حصول بعض الخير الدنيوي.
إن التوسل بآثار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - غير مشروع البتة، وإن من الافتراء على الصحابة - رضي الله عنهم - الادعاء بأنهم كانوا يتوسلون بتلك الآثار، ومن ادعى خلاف ذلك فعليه الدليل، بأن يثبت أن الصحابة كانوا يقولون في دعائهم مثلًا: اللهم ببصاق نبيك اشفِ مرضانا، إن أحدًا من العقلاء لا يستسيغ رواية ذلك مجرد رواية فكيف باستعماله.
* لابد من الإشارة إلى أننا نؤمن بجواز التبرك بآثاره - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولا ننكره، ولكن لهذا التبرك شروطًا منها الإيمان الشرعي المقبول عند الله، فمن لم يكن مسلمًا صادق الإسلام فلن يحقق الله له أي خير بتبركه هذا، كما يشترط للراغب في التبرك أن يكون حاصلًا على أثر من آثاره - صلى الله عليه وآله وسلم - ويستعمله، ونحن نعلم أن آثاره - صلى الله عليه وآله وسلم - من ثياب أو شعر أو فضلات قد