قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك .. " إلى أخره، قال الخطّابي (?): في هذا معنى لطيف وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - استعاذ بالله وسأله أن يجيره برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته، والرضى والسخط: ضدان متقابلان، وكذلك المعافاة والمعاقبة، فلما صار إلى ما لا ضد له وهو الله تعالى استعاذ به منه لا غير، ومعناه: الاستغفار من التقصير في بلوغ الواجب من حق عبادته، والثناء عليه ليعلمنا ذلك.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أحصي ثناء عليك" أي لا أطيقه ولا آتي عليه، ولا أحيط به، وقال مالك معناه: لا أحصي نعمك وإحسانك والثناء بها عليك.
وقوله: "أنت كما أثنيت على نفسك"؛ اعتراف بالعجز عن تفصيل الثناء، وأنه لا يقدر على بلوغ حقيقته، قال له النووي في شرح مسلم. (?)
637 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء".
قلت: رواه مسلم في الصلاة من حديث أبي هريرة ولم يخرجه البخاري. (?)
ومعنى الحديث: أقرب ما يكون من رحمة ربه وفضله، وفيه دليل لمن يقول أن السجود أفضل من القيام وسائر أركان الصلاة، وفي المسألة ثلاثة مذاهب: أحدها هذا، والثاني: وهو مذهب الشافعي وجماعة أن تطويل القيام أفضل لحديث جابر في صحيح مسلم، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أفضل الصلاة طول القنوت" والمراد بالقنوت: القيام، ولأن ذكر القيام القراءة، وهي واجبة، وذكر السجود التسبيح، والقراءة أفضل، والثالث: أنهما سواء.