وقد جمع هذا الحديث جوازها بإذن الإمام ويغير إذنه، وذلك أن مبارزة حمزة وعلي كانت بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر فيه إذن من النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصاريين الذين خرجوا إلى عتبة وشيبة قبل حمزة وعلي، ولا إنكار من النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم في ذلك، وفيه أن معونة المبارز جائزة إذا ضعف عن قِرْنه، واختلفوا في ذلك، فرخص فيه الشافعي وأحمد، وقال آخرون: لا يعينه عليه لأن المبارزة لا تكون إلا هكذا.
3034 - قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية، فحاص الناس حيصة، فأتينا المدينة، فاختفينا بها، وقلنا: هلكنا، ثم أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحن الفرّارون؟ قال: بل أنتم العكارون، وأنا فئتُكم".
قلت: رواه الترمذي في الجهاد، وأبو داود فيه مطولًا كلاهما من حديث ابن عمر، قال الترمذي: حسن، لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد، انتهى. (?)
ويزيد بن أبي زياد: تكلم فيه غير واحد من الأئمة.
قوله: "فحاص الناس حيصة" هو بفتح الحاء المهملة وبعد الألف صاد مهملة، أي؛ جالوا جولة يطلبون الفرار.
والمحيص: المهرب والمحيد وقد روي: فجاض الناس بفتح الجيم وبعد الألف ضاد معجمة، ويقال: جاض في القتال إذا فر، و"العكارون": قال في الصحاح (?): يقال عكر إذا عطف، والعَكْرة: الكرّة، وذكر الحديث. يعني أنتم المتحيزون إلى فئتكم فلا إثم عليكم، وأنا فئة المسلمين أي أنا مددهم، وأنا معاذ للمسلمين وناصرهم، وأراد بذلك - صلى الله عليه وسلم - أن يمهد عذرهم.