رفع اليدين حذو المنكبين عند افتتاح الصلاة عملٌ يُراد به إظهار تعظيم الله تعالى المناسب لقول المصلي: الله أكبر، وقد كان رفع اليدين علامة على الاستسلام والانقياد؛ لأن اليدين هما ممسك آلة الحرب من سيفٍ، ورمحٍ، ونبلٍ، فإذا استسلم الرجل ألقى سلاحه، ورفع يديه، ولذلك يقال: ألقى بيده، وألقى السلاح، أي: هو مسالم غير محارب، فمناسبته لافتتاح الصلاة أن فيه إيماء إلى إلقاء المعاصي، وأمور الدنيا المحضة، للإقبال على عبادة الله، ومناجاته عند القيام إلى الصلاة. وأما مناسبته لبقية مواقع التكبير فهي في الركوع، والسجود، والرفع منه مفقودة؛ لأن الساجد والجالس أظهر حالاً في الاستسلام من حال رافع اليدين في القيام. وأما هي في الرفع من الركوع فذات شائبتين؛ لأن الرافع من الركوع قائم، فأن اجتُزئ بما كان متلبسًا به من الركوع، فترك رفع اليدين أنسب، وإن نظر إلى أنه قيام فرفع اليدين مناسب. وقد اختلف الرواية في «الموطإ» في إثبات رفع اليدين عند الركوع، على أن مالكًا رحمه الله رجع إلى عدم استحباب رفع اليدين إلا عند تكبيرة الإحرام، كذلك روى عنه ابن القاسم.
وأحسبها أن وجه الإجماع على أن رفع اليدين ليس من أركان الصلاة ولا من مؤكداتها، فالمقدار المختلف في ثبوت سنته منه ينبغي أن يُترك؛ لأنه متردد بين كونه مستحبًا وكونه عملاً زائدًا في الصلاة، فأخذ بجانب تجنب الزيادة في الصلاة والأمر هين.