يحتاجون إلى لبس الخفين؛ لوقاية أرجلهم من ألم مباشرة الحصى، والحجارة، أو لغير ذلك، فإذا لبسوا الخفاف ثقل عليهم نزعها عند الوضوء، فرخص لهم أن يمسحوا عليها إذا كانوا قد لبسوها بعد غسل الرجلين في وضوء. وقد وقع تردد بين الصحابة في إجراء المسح على الخفين: فأنكره جماعة، وخصَّه جماعة بحالة السفر؛ لأنها حالة مشقة تقتضي الرخصة. وجوزه جمهورهم في الحضر والسفر؛ وهو المستفيض عن جمع من فقهاء الصحابة وأعلمهم بسنة رسول الله مثل: عمر بن الخطاب، وسعد بن أبي وقاص، والمغيرة بن شعبة، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله. قال ابن رشد في «البيان والتحصيل»: قال: بجواز المسح على الخفين نحو من أربعين من الصحابة.

وأقول: سبب الاختلاف فيه بينهم في الصدر الأول نُدرة وقوعه لقلة من يلبسهما قبل حصول الترفه، ولم يبق شك في أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبس الخفين في الحضر والسفر، ومسح عليهما بدون علة. وبهذا يتضح أن الرخصة في المسح عليهما اعتبار من الشريعة بالأمور الحاجية للناس، وأن ليس موقع الرخصة قاصرًا على الضرورة على أن هنالك اعتبارًا آخر دقيقًا وهو أن الخفين لما كانا يمنعنان وصول الأوساخ إلى الأرجل، كان من المناسب تعويض مسحهما عن غسل الرجلين. وقد أومأ إلى ذلك ما جاء في حديث المغيرة بن شعبة مما رواه البخاري، أنه لما أهوى لينزع خفي النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له رسول الله: «دعهما فإني أدخلت رجلي فيهما طاهرتين».

ثم قيل: إن المسح لا حد لوقته، بل يجوز ما لم ينزعهما لابسهما، فإذا نزعهما وجب تجديد الوضوء وغسل الرجلين، وهذا هو المشهور عن مالك. وروي فيه حديث عن أبي بن عمارة في «سنن أبي داود». وقيل: لا يجوز أكثر من يوم وليلة، فيجب بعد ذلك تجديد الوضوء بغسل الرجلين، وله أن يلبس الخفين بعد ذلك وإلى ثلاثة أيام في السفر. وهذا مروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - مرفوعًا في «صحيح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015