لهذا التصنيف جملة من المزايا والفوائد نلخصها فيما يلي:
- ارتباط هذا التأليف بكتاب «الموطأ» للإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة، والذي جمع بين دفتيه الفقه والحديث. وذلك بوضعه للمحدثين منهجًا في انتقاء الأحاديث والرجال، وطريقة للفقهاء في استنباط الأحكام واستخراج الأصول وبناء الفروع عليها.
فليس من الهين التعرُّض لمثل هذا الكتاب المبارك والفذ بالشرح والتعليق.
- في هذا «الكشف» خدمة لفقه الإمام كالك رحمه الله، وإضافة جادة لشراح «الموطأ» بل تجد فيه استدراكات قيِّمة، وفوائد جمَّة يندر وجودها في المطولات من الشروح، جادت بها قريحة الشيخ ابن عاشور، ونطقت بها عبقريته العلمية.
- تناول الشيخ أغلب أبواب «الموطأ» بالتعليق والتوضيح تارة، وبتوسيع أحيانًا أخرى في الشرح، كما أنه أقدم على بيان مواطن فيها إشكال أو إبهام، أو «فصل نزاع» بين الشراح أو ترجيح ما يتراء له منها.
وهذه التعليقات وإن كان يغلب عليها أحيانًا الطابع اللغوي، فإنها في كثير من الأبواب تحقيقات فقهية نفيسة، بل مزجها الشيخ بمباحث أصولية مقاصدية نادرة، يتعذَّر الوقوف عليها في غير هذا الكتاب، مثلما فعل في تعليله معنى الصوم. وحقيقة الزكاة، وغايات الحج.
- ومما يشدُّ انتباه الباحث في «الموطأ» أو في الحديث اعتناء الشيخ ابن عاشور بنسخ ذلك الكتاب، ورجوعه إلى أكثر من رواية سيما نسخة يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي. وقارن بينها وأعمل خبرته في الترجيح بينها، وهو ما يدل على أنه رحمه الله كان دائمًا يروم التحقيق، وأنه يعاني الكثير من الصبر والتجلد من أجل الوصول إلى الحقيقة.
وفي الختام أسوق كلمة للدكتور العلَّامة عبد الرحمن العثيمين حول هذا الكتاب الذي قال: «كشف المغطى، صغير الحجم، عظيم النفع جدًا، يُغني عن المجلدات. وفيه مقدمة مقيدة إلى الغاية .. » (مقدمة تفسير غريب الموطأ لابن حبيب (1/ 125)).