ووقع فيه قول ابن مسعود: «وتنكت في قلبه نكتةٌ سوداء» ففعل «تنكت» مبني للمجهول، ومعناه: جعل أثر في شيء، يقولون: نكت الأرض؛ إذا باشر التراب بعود أو أصبع، فترك أثرًا في التراب، والنكتة الأثر الصغير في شيء، وهي ترادف النقطة؛ لأن التاء والطاء تتبادلان لقرب مخرجيهما.
* * *
مالكٌ عن صفوان بن سليم أنه قال: قيل لرسول الله: أيكون المؤمن جبانًا؟ فقال: «نعم»، فقيل له: أيكون المؤمن بخيلاً؟ فقال: «نعم»، فقيل له: أيكون المؤمن كذَّابًا؟ فقال: «لا».
تجويز الجبن والبخل على المؤمن، معناه أن تينك الخصلتين غير معصيتين؛ لأنَّ الجبن سجيةٌ والبخل بما ليس واجبًا إعطاؤه تفريط في فضل العطاء، ومعنى: «لا يكون المؤمن كذابًا» أنَّ الكذب حرام وليس من خصال الإيمان، فلا يجوز للمؤمن أن يكون كذابًا. فالخبر هنا في معنى الإنشاء كأنَّه قيل: لا تكن كذابًا. وليس المراد أنَّ ذلك لا يقع في نفس الأمر؛ فيتوهم منه سلب الإيمان عن الكذابين من المسلمين، ولا حاجة إلى تأويل ذلك بسلب الإيمان الكامل؛ لأنه ليس مناسبًا للسياق.
المراد بالعامَّة الجميع، أي: عذاب جميع الناس. والمراد بالخاصة البعض، أي: بعمل بعضهم، فقد يكون الخاصَّة هم الأكثر، والعامة الأقلَّ كما يدلُّ عليه البلاغ عن أم سلمة. وقال ابن وضَّاح: العامة الإمام، والخاصة: الرعية، وهو تفسير ضعيف المعنى.