الذي في «الموطإ».
والمسألة معضلة وكلا القولين له وجه من النظر وجيه، فأما ما في «الموطإ» فوجهه أن رفعها للسلطان وتأجيله المفقود أربع سنين وإذنه لها بالاعتداد عقب الأجل قد استوفى حق الزوج الغائب في زوجه؛ إذ لم يرسل إليها ولم يعرفها بمقره، وقد رفع ذلك أيضًا الإضرار عن المرأة من بقائها بدون معاشر؛ فلما عقد عليها زوج ثان تقرر لهذا الثاني من الحق في المرأة مثل ما كان للزوج الأول، فلا تنز من زوجها الثاني ولا يبطل عقده المأذون فيه شرعًا، وقد اعتضد هذا الرأي بقول عمر في التي يطلقها زوجها الغائب عنها ثم بلغها طلاقه إياها ثم يراجعها ولا تبلغها المراجعة فتتزوج غيره أنه لا سبيل لزوجها الأول إليها سواء دخل بها زوجها الآخر أم لم يدخل بها كما في «الموطإ»؛ فذلك أصل يقاس عليه حكم زوجة المفقود؛ ولعل زوجة المفقود أولى بحكم عدم فسخ نكاح زوجها الثاني من حكم زوجة الغائب.
ووجه القول الثاني الذي في «المدونة» أن عصمة الزوج الأول تقررت بوجه يقين، وأن عصمة الثاني بنيت على ن تبين خلافه فكان عقد الثاني عقدًا على ذات زوج إلا أنه لما كان مأذونًا فيه كان عقدًا معتبرًا شرعًا فكان العقدان بمنزلة حجتين متعارضتين فإذا لم يدخل الثاني كان الترجيح لعقد الأول؛ لأنه معضود بحيازة العصمة السابقة بحكم الاستصحاب، وفي إرجاع زوجه إليه استبقاء لكرامة الأخوة الإسلامية بين الزوج الأول والزوج الثاني بإرجاعها للرجل الذي عرفها وأنس بها، وإذا دخل بها الثاني اعتضدت حجة الثاني بحيازة العصمة الطارئة المأذون فيها شرعًا فأبطلت عصمة الأول وصار للثاني من التعلق بأمر أنه مثل ما كان للأول؛ فلا يظهر معنى استبقاء كرامة الأخوة في أحدهما، على أن ابن يونس روى أن مالكًا قال: «بلغتني عن عمر في امرأة المفقود وفي التي تعلم بالطلاق ولم تعلم بالرجعة أنها إن تزوجت ثم قدم الأول فإنه أحق بها ما لم يدخل بها الثاني، وهذا أحب ما سمعت إلي فيها» اهـ. وهذا البلاغ يخالف بالصريح ما بلغه عن عمر بن الخطاب في التي طلقها الغائب ثم راجعها وتزوجت ولم تعلم بالمراجعة كما في «الموطإ»، ويخالف بالقياس ما بناه عليه مالك في «الموطإ» من حكم زوجة المفقود.
فإذا صح هذا البلاغ عن مالك حسب نقل ابن يونس وابن عبد البر، فقد رجحه