إليَّ من مرسلات غيره ليس في القوم أحد أصحُّ حديثًا من مالك.
واعلم أن سبب توقُّف من توقف غي عد المرسل من الصحيح ومَن رفضه منه، هو احتمال أن يكون قول التابعي: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» مجرد بلاغ لا يُعرف حال مبلغه، وهذا الاحتمال وإن كان واهيًا في جانب من عُرف بالثقة والاحتياط من التابعين، فإنه مُدحَض، إذا قال التابعي: «أرفع هذا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -»، ولم يذكر أنه عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأما إن قال: «عن بعض أصحاب رسول الله» فواضح أنه مسند، ودون ذلك أن يقول: «أرفعه إلى رسول الله» كما وقع في حديث مالك عن صفوان بن سليم يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل» فإن البخاري أخرجه في «صحيحه» في كتاب الأدب عن إسماعيل عن مالك.
والقسم الرابع: قد أجمع العلماء على أن موقوفات الصحابة لها حكم الرفع فيما لا يقال من قبل الرأي، ويلحق بهذا القسم ما يقع في «الموطأ» من قوله: «كان يقال، أو يقال»، كما وقع في جامع ما جاء في القَدَر. قال ابن عبد البر: «كان ابن سيرين إذا قال: «كان يقال» لم يُشَكَّ في أنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكذلك كان مالك» اهـ.
وسبب ذلك أن لفظ «كانوا يفعلون»، ونحوه من صيغ إثبات السنة، كما تقرَّر في أصول الفقه؛ لأنه يقتضي أن ذلك لا يختص بعالم معين، فيدل على أنه مما اشترك الناس فيه، وذلك إنما يكون فيما شاع من السنة، وخاصةً إذا كان المروي كلامًا