ذلك التوهُّم. وفي ذلك حسن وهو دلالتهُ على أن المتكلِّم يجول بنفسه معنى الفعل المتوهَّم وهو المبني للمجهول؛ فيدلُّ على أنه يرى على الناذر أن يبذل جهده للحصول على بدنة أو بقرة.
ونظيره قول العرب: إنَّهم أجمعون ذاهبون وأشباهه. وقدر ردَّ على الشيخين سالم، والبرزخي الأستاذُ محمد محمود الشنقيطي نزيل القاهرة بردًّ به فضول، وأجاب هو بما هو غير مقبول. والحق عندي أنَّ اعتبار التوهُّم اعتبار صحيح حسن، وقد جرت له نظائر في فصيح الكلام كقوله تعالى: {فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون: 10] يجزم «أكن» مع عطفه على «أصَّدق» المنصوب، على توهُّم أن يقول: إن تؤخرني أكن؛ ولأنَّه يشترك فيه العربي والمولِّدون؛ لأنه ناشئ عن سهو بخلاف غيره، فقد يقال: إنه لا يغتفر للمولد؛ إذ ليس فيه حد يفرق به بين الخطاب والقصد. وقد وقع نظير هذا في كلام عربي، ففي البخاري في كتاب «الفتن»: سمعت عمارًا يقول: «إن عائشة لزوجة نبيِّكم ولكنَّ الله ابتلاكم ليعلم إيَّاه تطيعون أم هي».
مالك عن حميد بن قيس، وثور بن زيد الديلي؛ إنهما أخبراه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحدهما يزيد في الحديث على صاحبه: أن رسول الله رأى رجلاً قائمًا في الشمس فقال: «ما بال هذا؟ » فقالوا: نذر أن لا يتكلم، ولا يستظل من الشمس، ولا يجلس، ويصوم، فقال رسول الله: «مروه فيتكلم وليستظل، وليجلس، وليتم صومه». فقال مالك: ولم يسمع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره بكفَّارة وقد أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتم ما كان لله طاعة ويترك ما كان لله معصية.