فلذلك كان من السنة تعجيل ثابتًا بالسنة القولية، وتأخير السحور بالسنة الفعلية.

وإنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»، ولم يزد عليه: «وأخروا السحور»، فإن الثابت في «الصحيح» هو الاقتصار على ذكر تعجيل الفطر ولم تثبت زيادة: «وأخروا السحور»؛ لأن رسول الله قد علم أن كثيرًا من أصحابه كان يحب التملي من الصوم، والاستكثار من الخير والقربة حتَّى رام كثير منهم أن يصل صوم اليوم بصوم اليوم الموالي له، وهو ما دعا رسول الله إلى النهي عن الوصال، كما في أحاديثه المثبتة في «الموطإ» وما بعده. ومن البين أن معنى التعمق في الصوم يبعث على تأخير الفطر وتأخير السحور، فكان تعمُّقهم في ذلك منافيًا لمقصد الشريعة في أول طرفيه وموافقًا لمقصدها في طرفة الآخر وهو تأخير السحور، ندبهم رسول الله إلى تعجيل الفطر؛ لأنه المظنون بهم ولم يندبهم إلى تأخير السحور؛ لأنه حاصل منهم، فكما كانوا لقوله من الممثلين لا تكونوا عن فهم قوله من الغافلين.

الرخصة في القبلة للصائم

مالك عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: إن كان رسول الله ليقبل بعض أزواجه، وهو صائم، ثم تضحك.

هكذا وقع هذا الحديث في سائر نسخ «الموطإ» من رواية يحيى بن يحيى التي بأيدينا والتي شرح عليها شارحوه. ووجدتُ في نسخة عندي هكذا «وهو صائم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015