وقع في أكثر النسخ كتاب الصيام بعد الزكاة، وفي بعض النسخ كتاب الزكاة بعد الصيام.

شرع الله الصيام وجعله من قواعد الإسلام، كما دلَّ عليه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «بني الإسلام على خمس ... » فذكر فيها «وصيام رمضان ... »، وكما في حديث سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام والإحسان، وحديث ضمام بن ثعلبة السعدي، وحديث النجدي. والصوم من النواميس الإلهية في شرائع كثيرة، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183]، ولعله كان من الحنيفيَّة، فقد ثبت في «الموطإ» أن قريشًا كانوا يصومون يومَ عاشوراء في الجاهلية، وأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صامه فيما قبل الإسلام، وثبت في «صحيح البخاري» أن اليهود كانوا يصومونه في المدينة، وثبت أنَّ صومه كان مفروضًا على المسلمين عند قدومهم المدينة، ثمَّ نسخ بصوم رمضان في شعبان سنة اثنتين.

وفي الصيام حكمة عظيمة، لاشتماله على فوائد كثيرة نفسانية وجسمانية.

فالنفسانية منها: التخلُّق بالصبر على أشدِّ اللذَّات تعلقًا بالجبلة وأكثرها انبعاثًا في النفس. ومنها التخلُّق بقوَّة الإرادة على ترك المحبوب وارتكاب مصاعب الأمور. ومنها تذكير النفس بحال حاجة المحتاج لتنبعث فيها داعية مواساة الفقير. ومنها تقوية الناحية الملكية في الأرواح البشرية؛ لتتزكَّى بذلك وتتهيَّأ؛ لأن تصدر عنها أفعال الخير. ومنها معرفة قدر نعمة تيسير الطعام والشراب؛ ليشكر الله تعالى على ذلك ويزن نعمة تيسيرها بحالة فقدها الموقت، فيتَّعظ بما لو فقدها فقدًا مستمرًّا.

وأما الجثمانية فمنا: التعويد بتغيير أنظمة المعيشة؛ ليقتدر المسلم على تحمل تغيير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015