طَوِيلَة. وَمِنْه شدَّة نقمته وَقُوَّة عَذَابه. وَأما الْمُتَعَلّق بالقوم فإهمالهم إِعْمَال الْعُقُول فِي طَاعَة الْخلق، ومبارزتهم بالعناد والمخالفة، وفوات أَمرهم حَتَّى لَا وَجه للاستدراك، حَتَّى إِن لعنتهم وعقوبتهم أثرت فِي الْمَكَان وَالْمَاء، فَقَالَ: " لَا تدْخلُوا مسَاكِن الَّذين ظلمُوا أنفسهم " وَلما استقوا من آبارهم وعجنوا بِهِ أَمرهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يهريقوا مَا استقوا ويعلفوا الْإِبِل الْعَجِين وَأَن يَسْتَقُوا من الْبِئْر الَّتِي كَانَت تردها النَّاقة. فَأَما الْمُتَعَلّق بالمار عَلَيْهِم فتوفيقه للْإيمَان، واعتباره بِالْجِنْسِ، وتمكينه من الِاسْتِدْرَاك، وإمهاله مَعَ الْعِصْيَان، ومسامحته مَعَ الزلل، إِلَى غير ذَلِك من الْأَسْبَاب الَّتِي كلهَا توجب الْبكاء. فَمن مر على مثل أُولَئِكَ وَلم يتفكر فِيمَا يُوجب الْبكاء شابههم فِي إهمالهم التفكر، فَلم يُؤمن عَلَيْهِ نزُول الْعقَاب. [15] وَقَوله: " أَن يُصِيبكُم " فِيهِ إِضْمَار تَقْدِيره: حذار أَن يُصِيبكُم، وَهَذَا تحذير من الْغَفْلَة عَن تدبر الْآيَات، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِذا رَأَيْتُمْ مَا حل بهم وَلم تنتبهوا من رقدات الْغَفْلَة فاحذروا من الْعقُوبَة، فَإِنَّهُ إِنَّمَا حلت بهم لغفلتهم عَن التدبر.
1048 - / 1260 وَفِي الحَدِيث الْعشْرين: " الْمُسلم أَخُو الْمُسلم، لَا يَظْلمه، وَلَا يُسلمهُ ". [15] هَذِه أخوة الْإِسْلَام، فَإِن كل اتِّفَاق بَين شَيْئَيْنِ يُوجب اسْم أَخُوهُ. وَقَوله: " لَا يُسلمهُ " أَي لَا يتْركهُ مَعَ مَا يُؤْذِيه، بل ينصره وَيدْفَع عَنهُ. [15] وَقَوله: " من ستر مُسلما " أَي لم يظْهر عَلَيْهِ قبيحا، وَهَذَا لَا يمْنَع الْإِنْكَار عَلَيْهِ؛ لِأَن الْإِنْكَار فِيمَا خَفِي يكون فِي خُفْيَة، وَقد نهى هَذَا