بِدَلِيل أَنه يجوز لَهُ تَركه، وَلَا يجوز أَن يُقَال: الْوُجُوب مَوْقُوف على إِرَادَة العَبْد، فَإِن اخْتَار الْإِتْمَام وَجب، وَإِن لم يختره لم يجب؛ لِأَن هَذَا يُوجب تَفْوِيض الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة إِلَى اخْتِيَار العَبْد. وَالْجَوَاب: إِنَّمَا لم يجب مَا زَاد على الرَّكْعَتَيْنِ لِأَن الله تَعَالَى تصدق على الْمُسَافِر. فَإِن قيل: الصَّدَقَة تسْقط عَنهُ، وَإِن لم يقبل وأتى بِهِ أَتَى بِالْوَاجِبِ، وَصَارَ كمن عَلَيْهِ أَرْبَعَة دَرَاهِم فَقَالَ صَاحب الدّين: قد تَصَدَّقت عَلَيْك بِدِرْهَمَيْنِ، فَإِن قبل وَأدّى دِرْهَمَيْنِ كَانَت هِيَ الْوَاجِب، وَإِن لم يقبل وَأدّى الْأَرْبَعَة كَانَت الْوَاجِب. وَقَوْلهمْ: الْوُجُوب لَا يقف على اخْتِيَار العَبْد. قُلْنَا: إِنَّمَا خير فِي تعْيين قدر دون قدر كَمَا خير فِي كَفَّارَة الْيَمين. وَيدل على أَن الِاخْتِيَار إِلَى العَبْد قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " فاقبلوا صدقته " وَالنَّدْب إِلَى الْقبُول دَلِيل على ارتباطه بِاخْتِيَار الْمُكَلف. وَمثل هَذَا إِيجَاب الشَّرْع على الْمُصَلِّي أَن يقف فِي الصَّلَاة بِقدر الْقِرَاءَة، ثمَّ لَو مد الْقيام وَقع الْكل وَاجِبا. [15] وَأما قَوْله: صَلَاة الْخَوْف رَكْعَة، فَإِنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا يَقْتَدِي فِيهِ الْمَأْمُوم؛ لِأَنَّهُ يَقْتَدِي فِي رَكْعَة، وَيتم أُخْرَى، وَلَوْلَا هَذَا الْحمل كَانَ مُخَالفا للْإِجْمَاع.
1002 - / 1208 وَفِي الحَدِيث السَّابِع عشر: {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} [النَّجْم: 11] قَالَ: رَآهُ بِقَلْبِه وَفِي لفظ: رَآهُ بفؤاده مرَّتَيْنِ. [15] اعْلَم أَن الْمُفَسّرين اخْتلفُوا فِي هَاء الْكِنَايَة فِي قَوْله: {وَلَقَد رَآهُ}