الشَّيْء، فَيكون الْمَعْنى: ظن الرُّسُل لقُوَّة الْبلَاء وَتَأْخِير النَّصْر أَن قَومهمْ الْمُؤمنِينَ قد كذبوهم بِمَا وعدوا بِهِ من النَّصْر حَتَّى استيأس الرُّسُل مِمَّن كذبهمْ من قَومهمْ، وظنوا أَن أتباعهم قد كذبوهم. وَهَذَا الَّذِي أشارت إِلَيْهِ عَائِشَة هُوَ فقه مِنْهَا وَفهم، ويبينه قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يَقُول الرَّسُول وَالَّذين آمنُوا مَعَه مَتى نصر الله} فَيَقُول الرَّسُول: {أَلا إِن نصر الله قريب} [الْبَقَرَة: 214] . وَالثَّانِي: أَن الظَّن بِمَعْنى الْيَقِين، كَقَوْلِه تَعَالَى: {الَّذين يظنون أَنهم ملاقوا رَبهم} [الْبَقَرَة: 46] {إِنِّي ظَنَنْت أَنِّي ملاق حسابيه} [الحاقة: 20] فَيكون الْمَعْنى: تَيَقّن الرُّسُل أَن قَومهمْ الْكفَّار قد كذبوهم. وَهَذَا قَول الْحسن وَعَطَاء وَقَتَادَة. [15] وَقَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ {كذبُوا} خَفِيفَة، فَيكون الظَّن هَاهُنَا بِمَعْنى الشَّك والتردد، وَيكون فِي الْمَعْنى قَولَانِ: أَحدهمَا مَا حكيناه عَن ابْن عَبَّاس، وَقد فسره أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ فَقَالَ: يحْتَمل أَن يُقَال: إِن الرُّسُل عِنْد امتداد الْبلَاء وإبطاء النَّصْر دخلتهم الرِّيبَة حَتَّى توهموا أَن مَا جَاءَهُم من الْوَحْي كَانَ حسبانا مِنْهُم ووهما، فارتابوا بِأَنْفسِهِم وظنوا عَلَيْهَا الْغَلَط، كَقَوْلِك: كذب سَمْعِي وبصري. وَقد كَانَ نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بداية الْوَحْي يرتاب بِنَفسِهِ، ويشفق أَن يكون [الَّذِي] يتراءاه أمرا غير موثوق بِهِ، إِلَى أَن ثَبت الله عز وَجل قلبه، وَسكن كَذَلِك جأشه، ومرجع الْأَمر أَن الرِّيبَة ترجع إِلَى الوسائط الَّتِي هِيَ مُقَدمَات الْوَحْي لَا إِلَى الْوَحْي. قلت: وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015