عَن أَحْمد أَنه إِذا قتل أَو قطع يدا أَو أقنى حدا فِي غير الْحرم ثمَّ دخله لم يقم عَلَيْهِ الْحَد، وَلم يقْتَصّ مِنْهُ، وَلَكِن لَا يُبَايع وَلَا يشارى وَلَا يؤاكل حَتَّى يخرج. فَإِن فعل شَيْئا من ذَلِك فِي الْحرم استوفى مِنْهُ. وروى عَنهُ حَنْبَل أَنه إِن قتل خَارج الْحرم ثمَّ دخله لم يقتل، وَإِن كَانَت الْجِنَايَة دون النَّفس أقيم عَلَيْهِ الْحَد، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة. وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: يُقَام عَلَيْهِ جَمِيع ذَلِك فِي النَّفس وَمَا دونهَا. [15] وَقَوله: " لَا يعضد شوكه " أَي لَا يكسر. والعضد: قطع الشّجر بالمعضد: وَهُوَ كالسيف يمتهن فِي قطع الشّجر. وَيُسمى مَا قطع من الشّجر إِذا عضدت العضيد والعضد. [15] وَقَوله: " وَلَا ينفر صَيْده " أَي لَا يزعج عَن مَكَانَهُ، فَإِنَّهُ إِذا تعرض لَهُ بالاصطياد نفر. وَقَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: إِذا كَانَ أَيْضا فِي ظلّ شَجَرَة لم ينفره الرجل ليستظل بهَا. [15] وَقَوله: " وَلَا تلْتَقط لقطته إِلَّا من عرفهَا " عندنَا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَن لقطَة الْحرم لَا يحل أَن يَأْخُذهَا إِلَّا من يعرفهَا أبدا وَفِي الْأُخْرَى أَنَّهَا كَسَائِر اللقط. وَعَن الشَّافِعِي كالروايتين. فعلى الرِّوَايَة الأولى الْأَمر فِي اللّقطَة ظَاهر، وعَلى الثَّانِيَة يكون الْفرق بَين لقطَة الْحرم وَغَيره أَن لقطَة غير الْحرم إِذا كَانَت يسيره لم يجب تَعْرِيفهَا بِخِلَاف لقطَة الْحرم، فَإِنَّهُ يجب تَعْرِيفهَا وَإِن قلت. وفقهه من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن سَاكِني مَكَّة يَحْتَاجُونَ إِلَى الْيَسِير لشدَّة فَقرهمْ. وَالثَّانِي: أَن يكون ذَلِك التَّخْصِيص لتعظيم الْمَكَان، فَإِن الْحَسَنَة تضَاعف بهَا، والسيئة أَيْضا.