[15] وَأما قَول مُوسَى: أبْكِي لِأَن غُلَاما بعث بعدِي يدْخل الْجنَّة من أمته أَكثر مِمَّا يدخلهَا من أمتِي، فَرُبمَا توهم جَاهِل أَنه فِي معنى الْحَسَد. والحسد لَا يجوز فِي حق الْأَنْبِيَاء، إِنَّمَا يكون فِي معنى الْغِبْطَة. وَقد قيل: إِنَّمَا بَكَى رَحْمَة لأمته، وتمنيا لَهُم الْخَيْر، لِأَنَّهُ بَالغ فِي الِاجْتِهَاد مَعَهم، وَطَالَ زمنهم إِلَى مَجِيء عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، ثمَّ زَاد عدد السالمين من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِم. [15] فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ قَالَ: هَذَا الْغُلَام، وَهُوَ لفظ يَقْتَضِي التصغير؟ فَالْجَوَاب: أَنه تعجب من منَّة الله عَلَيْهِ مَعَ صغر سنه. وَيحسن فِي ذكر النعم تَصْغِير الْمُنعم عَلَيْهِ لينفرد الْمُنعم بالعظمة، كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن هُوَ إِلَّا عبد أنعمنا عَلَيْهِ} [الزخرف: 59] وَقَوله عز وَجل: {ألم يجدك يَتِيما فآوى ووجدك ضَالًّا فهدى} [الضُّحَى: 6، 7] . [15] وَأما الْبَيْت الْمَعْمُور فَهُوَ الْكثير الغاشية، كَأَنَّهُ عمر بِمن يَغْشَاهُ. [15] قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ حِيَال الْكَعْبَة، يحجه كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك ثمَّ لَا يعودون إِلَيْهِ حَتَّى تقوم السَّاعَة. [15] وَمعنى آخر مَا عَلَيْهِم: أبدا. [15] وَقَوله فِي اللَّبن: " هِيَ الْفطْرَة " أصل الْخلقَة. وَهُنَاكَ وَقع الْإِقْرَار بالخالق من غير شوب دَعْوَى فِي حق غَيره. فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بالفطرة إِلَى الْإِقْرَار بِالتَّوْحِيدِ، لِأَن الْخمر يشاب، وَالْعَسَل يشاب، بِخِلَاف اللَّبن. [15] وَقَوله: " أحد الثَّلَاثَة بَين الرجلَيْن ": أَي لَيْسَ بالطويل وَلَا بالقصير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015