[15] وَلقَائِل أَن يَقُول: فَكيف الْجمع بَين هَذَا وَبَين قَوْله: " لَا عدوى وَلَا طيرة "؟ وَالْجَوَاب: أما عَائِشَة فقد غَلطت من روى هَذَا، وَقَالَت: إِنَّمَا قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَقُولُونَ: الطَّيرَة فِي الْمَرْأَة وَالدَّابَّة وَالدَّار. وَهَذَا رد مِنْهَا لصريح خبر رَوَاهُ جمَاعَة ثِقَات، فَلَا يعْتَمد على ردهَا. وَالصَّحِيح أَن الْمَعْنى: إِن خيف من شَيْء أَن يكون سَببا لما يخَاف شَره ويتشاءم بِهِ فَهَذِهِ الْأَشْيَاء، لَا على السَّبِيل الَّتِي تظنها الْجَاهِلِيَّة من الْعَدوي والطيرة، وَإِنَّمَا الْقدر يَجْعَل للأسباب تَأْثِيرا. وَقَالَ الْخطابِيّ: لما كَانَ الْإِنْسَان فِي غَالب أَحْوَاله لَا يَسْتَغْنِي عَن دَار يسكنهَا، وَزَوْجَة يعاشرها، وَفرس يرتبطه. وَكَانَ لَا يَخْلُو من عَارض مَكْرُوه، أضيف الْيمن والشؤم إِلَى هَذِه الْأَشْيَاء إِضَافَة مَحل وظرف وَإِن كَانَا صادرين عَن قَضَاء الله سُبْحَانَهُ. قَالَ: وَقد قيل: شُؤْم الْمَرْأَة أَلا تَلد، وشؤم الْفرس أَلا يحمل عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله، وشؤم الدَّار سوء الْجَار.
754 - / 899 - وَفِي الحَدِيث الرَّابِع: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصلح بَين بني عَمْرو بن عَوْف، فَتقدم أَبُو بكر فصلى بِالنَّاسِ، وَجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ النَّاس فِي التصفيق، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَرفع أَبُو بكر يَده فَحَمدَ الله وَرجع القهقهرى وَرَاءه حَتَّى قَامَ فِي الصَّفّ، وَتقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى بِالنَّاسِ. قد دلّ هَذَا الحَدِيث على اسْتِحْبَاب الصَّلَاة فِي أول وَقتهَا؛ لِأَن الصَّحَابَة لم ينتظروا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى آخر الْوَقْت، وَلَا هُوَ أنكر عَلَيْهِم. وَدلّ على تَفْصِيل أبي بكر حَيْثُ قدموه وَإِشَارَة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِ أ