ذَلِك، وَقَالَ: تردن أَن يعذب أَبُو بكر ببكائكن، إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الْمَيِّت يعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ ". قلت: ابْنة أبي قُحَافَة هِيَ أم فَرْوَة أُخْت أبي بكر، فَلَمَّا لم يُمكنهُ أَن يكلم عَائِشَة هَيْبَة لَهَا واحتراما، أدب هَذِه.
وَالْوَجْه الْخَامِس: أَنه يعذب بذنوبه، وَيذكر لَهُ النوح توبيخا، فَكَأَنَّهُ يُقَال لَهُ: أَيهَا الْمُسِيء الْمُسْتَحق للتعذيب، أمثلك ينْدب عَلَيْهِ؟ فَكلما ذكر لَهُ مَا نيح بِهِ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِك عذَابا، وَرب توبيخ زَاد على التعذيب.
25 - / 25 - وَفِي الحَدِيث السَّابِع: قَالَ عمر على مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نزل تَحْرِيم الْخمر، وَهِي من خَمْسَة: من الْعِنَب، وَالتَّمْر، وَالْعَسَل، وَالْحِنْطَة، وَالشعِير. وَالْخمر مَا خامر الْعقل.
إِنَّمَا ذكر عمر هَذِه الْخَمْسَة لِأَن الْغَالِب عمل الْخمر مِنْهَا، وَقد تعْمل من غَيرهَا، وَقد اتّفق عُلَمَاء الْإِسْلَام على أَن الْخمر اسْم لعصير الْعِنَب المشتد الَّذِي يحصل بِهِ السكر، وَاخْتلفُوا فِي المشتد من غَيره مثل نَقِيع التَّمْر وَالزَّبِيب وَالْحِنْطَة وَنَحْو ذَلِك، فَذهب الْجُمْهُور مِنْهُم مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد بن حَنْبَل إِلَى أَنه يَقع عَلَيْهِ اسْم الْخمر، ويشارك الْمُتَّفق عَلَيْهِ فِي التَّحْرِيم، وَخَالف فِي ذَلِك أَبُو حنيفَة. وَقَول عمر: الْخمر مَا خامر الْعقل، دَلِيل على مَا قُلْنَا.
فَأَما تَسْمِيَة الْخمر خمرًا، فَذكر مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْأَنْبَارِي فِي ذَلِك