[15] الرُّؤْيَا والحلم بِمَعْنى وَاحِد، لِأَن الْحلم مَا يرَاهُ الْإِنْسَان فِي نَومه، غير أَن صَاحب الشَّرْع خص الْخَيْر باسم الرُّؤْيَا، وَالشَّر باسم الْحلم. [15] وَقَوله: " فَإِذا حلم أحدكُم " مَفْتُوحَة اللَّام، يُقَال: حلم: إِذا رأى مناما وحلم بِالضَّمِّ من الْحلم الَّذِي هُوَ الْعَفو. [15] وَقَوله: " فليبصق عَن يسَاره " هَذَا دحر للشَّيْطَان، فَهُوَ من جنس رمي الْجمار. [15] وَقَوله: " وَلَا يحدث بِهِ أحدا " لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَن يذكر مَا يسوء. [15] وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " الرُّؤْيَا على رجل طَائِر مَا لم تعبر، فَإذْ عبرت وَقعت ". قَالَ ابْن قُتَيْبَة: أَرَادَ أَنَّهَا غير مُسْتَقِرَّة، تَقول الْعَرَب للشَّيْء إِذا لم يسْتَقرّ: هُوَ على رجل طَائِر، وَبَين مخالب طَائِر، وعَلى قرن ظَبْي، قَالَ رجل فِي الْحجَّاج:
(كَأَن فُؤَادِي بني أظفار طَائِر ... من الْخَوْف فِي جو السَّمَاء محلق)
(حذار امرىء قد كنت أعلم أَنه ... مَتى مَا يعد من نَفسه الشَّرّ يصدق)
[15] قَالَ المرار يذكر فلاة:
(كَأَن قُلُوب أدلائها ... معلقَة بقرون الظباء)
[15] قَالَ: وَلم يرد بقوله: فَإِذا عبرت وَقعت: أَن كل من عبرها وَقعت، وَإِنَّمَا أَرَادَ بذلك الْعَالم بهَا الْمُصِيب الْمُوفق، لَا الْجَاهِل، وَلَا أَرَادَ أَن كل رُؤْيا تعبر، لِأَن أَكْثَرهَا أضغاث.