599 - / 715 - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه وَأَوْس بن الْحدثَان أَيَّام التَّشْرِيق فناديا: إِنَّه لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا مُؤمن، وَأَيَّام منى أَيَّام أكل وَشرب. [15] فَأَما أَيَّام التَّشْرِيق فَهِيَ أَيَّام منى، وَهِي ثَلَاثَة أَيَّام بعد عيد الْأَضْحَى. وَفِي تَسْمِيَتهَا بأيام التَّشْرِيق قَولَانِ ذكرهمَا ثَعْلَب، أَحدهمَا: لِأَن الذّبْح فِيهَا بعد شروق الشَّمْس. وَالثَّانِي: لأَنهم كَانُوا يشرقون فِيهَا اللَّحْم من لُحُوم الْأَضَاحِي، وَهَذَا أصح. وَهِي أَيَّام منى لإقامتهم فِيهَا، وَسميت منى من قَوْلهم: منى الشَّيْء وَقدر كَأَنَّهُ فِيهَا النَّحْر. [15] وَقَوله: أَيَّام أكل وَشرب. أَي لَا يجوز فِيهَا الصَّوْم، وَذَلِكَ لِأَن الْقَوْم كالضيف، والضيف لَا يَصُوم عِنْد مضيفه. وَاتفقَ الْعلمَاء على أَنه لَا يجوز أَن يتَطَوَّع بصومها، فَأَما من صامها عَن فرض فَيجوز عندنَا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الْأُخْرَى لَا يجوز، وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي. وَقَالَ مَالك: لَا يَصح فِيهَا إِلَّا صَوْم الْمُتَمَتّع هُوَ القَوْل الثَّانِي للشَّافِعِيّ. [15] فَإِن قيل: مَا الْمُنَاسبَة بَين ذكر الْإِيمَان وَذكر الْأكل وَالشرب؟ فَالْجَوَاب: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَدَأَ بالأهم من ذكر الْإِيمَان، وَفِيه معنى يمس الْحَج، وَهُوَ أَن الْكفَّار قد كَانُوا يحجون، فَأخْبر أَن التَّعَبُّد إِنَّمَا ينفع الْمُؤمنِينَ دون غَيرهم.