قد بَينا نسخ ذَلِك فِي مُسْند عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام.
588 - / 704 - وَفِي الحَدِيث الأول من أَفْرَاد مُسلم: " من سَأَلَ الله الشَّهَادَة فَصدق بلغه الله منَازِل الشُّهَدَاء وَإِن مَاتَ على فرَاشه ". [15] اعْلَم أَن النِّيَّة قطب الْعَمَل عَلَيْهَا يَدُور، وَقد يُفِيد مُجَرّد النِّيَّة من غير عمل، وَلَا يُفِيد عمل من غير نِيَّة. وَمن صدقت نِيَّته فِي طلب الشَّهَادَة فَكَأَنَّهُ استسلم للْقَتْل، فَلَا يضرّهُ بعد بدنه عَن الْجِهَاد لعذر مَعَ صدق نِيَّته، كَمَا قَالَ الله عز وَجل: {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فقد وَقع أجره على الله} [النِّسَاء: 100] وَكَذَلِكَ من نَام عَن صَلَاة أَو نَسِيَهَا، وَكَذَلِكَ لَو نوى قيام اللَّيْل فغلبه النعاس كتب لَهُ ثَوَاب نِيَّته. وَمن هَذَا الْجِنْس: {يَا إِبْرَاهِيم. قد صدقت الرءيا} [الصافات: 104، 105] لِأَن الْخَلِيل اجْتهد فِي أَن يذبح بإمرار المدية، والذبيح استسلم، وَلم يبْق للْفِعْل مَانع سوى جَرَيَان الْقدر، فَكَانَا كَأَنَّمَا فعلا.
589 - / 705 وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: أَهْوى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ إِلَى الْمَدِينَة فَقَالَ: " إِنَّهَا حرم آمن ". [15] وَظَاهر الْخَبَر الْخَبَر وَمَعْنَاهُ الْأَمر، كَقَوْلِه تَعَالَى: (وَمن دخله كَانَ