بيع ذَلِك الْجِنْس؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهمَا: يجوز، وَالثَّانيَِة: لَا يجوز إِلَّا بيع مَا قد بدا صَلَاحه. [15] وَإِنَّمَا اشْترط بَدو الصّلاح لثَلَاثَة أَشْيَاء: أَحدهَا يعود إِلَى البَائِع، وَذَلِكَ من جِهَتَيْنِ: أحداهما أَن ثمن الثَّمَرَة فِي تِلْكَ الْحَال قَلِيل، فَإِذا تَركهَا حَتَّى تصلح زَاد ثمنهَا، وَفِي تعجله للقليل نوع تَضْييع لِلْمَالِ. وَالثَّانِي: لِئَلَّا يُوقع أَخَاهُ الْمُسلم فِي نوع غرر. وَالثَّانِي: يعود إِلَى المُشْتَرِي: وَهُوَ المخاطرة والتغرير بِمَالِه. وَالثَّالِث يرجع إِلَيْهِمَا: وَهُوَ خوف التشاحن وَالْإِثْم عِنْد فَسَاد الثَّمَرَة. وَهَذَا كُله إِذا اشْتَرَاهُ بِشَرْط التبقية، فَأَما إِذا اشْتَرَاهُ بِشَرْط قطعه فِي الْحَال جَازَ. وَقَوله: " وَلَا تَبِيعُوا الثَّمر بِالتَّمْرِ " هَذِه هِيَ الْمُزَابَنَة: وَهِي بيع الثَّمر فِي رُؤُوس النّخل بِالتَّمْرِ، إِلَّا أَنه رخص فِي الْعرية. قَالَ أَبُو عبيد: الْعرية وَاحِدَة الْعَرَايَا: وَهِي النَّخْلَة يعريها صَاحبهَا رجلا مُحْتَاجا، والإعراء: أَن يَجْعَل لَهُ ثَمَرَتهَا عَاما، فَرخص لرب المَال أَن يبْتَاع ثَمَر تِلْكَ النَّخْلَة المعراة بِتَمْر لموْضِع حَاجته - يَعْنِي حَاجَة الْمِسْكِين. قَالَ: وَقيل. بل هُوَ الرجل تكون لَهُ النَّخْلَة وسط نخل كثير لرجل آخر، فَيدْخل رب النَّخْلَة إِلَى نخلته، وَرُبمَا كَانَ مَعَ صَاحب النّخل الْكثير أَهله فِي النّخل فيؤذيه بِدُخُولِهِ، فَرخص لصَاحب النّخل الْكثير أَن يَشْتَرِي ثَمَر تِلْكَ النَّخْلَة من صَاحبهَا قبل أَن يجدهَا بِتَمْر لِئَلَّا يتَأَذَّى بِهِ. قَالَ: وَالتَّفْسِير الأول أَجود، لِأَن هَذَا لَيْسَ فِيهِ إعراء، إِنَّمَا هِيَ نَخْلَة يملكهَا رَبهَا، فَكيف تسمى عرية؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015