فَقَالُوا: جئْنَاك من عِنْد قَوْمك يقسمون بِاللَّه لَا يخلون بَيْنك وَبَين الْبَيْت حَتَّى تبيد خضراؤهم، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّا لم نأت لقِتَال أحد، إِنَّمَا جِئْنَا لنطوف بِهَذَا الْبَيْت، فَمن صدنَا عَنهُ قَاتَلْنَاهُ " فَرجع بديل فَأخْبرهُم. وَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم عُثْمَان بن عَفَّان فَقَالَ لَهُ: " أخْبرهُم أَنا لم نأت لقِتَال أحد، وَإِنَّمَا جِئْنَا زوارا لهَذَا الْبَيْت معظمين لِحُرْمَتِهِ، مَعنا الْهَدْي ننحره وننصرف " فَأَتَاهُم فَأخْبرهُم، فَقَالُوا: لَا كَانَ هَذَا أبدا، وَلَا يدخلهَا الْعَام. وَبلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن عُثْمَان قد قتل، فَحِينَئِذٍ دَعَا الْمُسلمين إِلَى الْبيعَة وَهِي بيعَة الرضْوَان فبايعهم تَحت الشَّجَرَة، قَالَ سَلمَة بن الْأَكْوَع: بَينا نَحن قَائِلُونَ زمن الْحُدَيْبِيَة نَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيهَا النَّاس، الْبيعَة، الْبيعَة، نزل روح الْقُدس. فثرنا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحت الشَّجَرَة فَبَايَعْنَاهُ. وَإِنَّمَا سميت بيعَة لأَنهم باعوا أنفسهم من الله عز وَجل بِالْجنَّةِ، وَكَانَت الشَّجَرَة سَمُرَة، والسمرة وَاحِدَة السمر، وَهُوَ شجر الطلح. ثمَّ آل الْأَمر إِلَى أَن جرى بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين قُرَيْش الصُّلْح، على أَن يرجع وَيعود فِي الْعَام الْمقبل. [15] وَفِي هَذَا الحَدِيث: وَنحن أَرْبَعَة عشرَة مائَة. وَمثله يَقُول جَابر، والبراء، وَسَلَمَة بن الْأَكْوَع. وَفِي رِوَايَة عَن جَابر: كُنَّا ألفا وَخَمْسمِائة. وَعَن عبد الله بن أبي أوفى كُنَّا ألفا وثلاثمائة.