من قَالَ: بحذاء رَأسه. [15] فَإِن قيل: فالرسول عَلَيْهِ السَّلَام لَا يفعل شَيْئا إِلَّا لحكمة، فَمَا حِكْمَة الْفرق بَين الرجل وَالْمَرْأَة؟ [15] فَالْجَوَاب: أَنه لَا يفعل شَيْئا إِلَّا لحكمة، وَقد يخفى علينا وَجه الْحِكْمَة، وَقد لَا تبلغه أفهامنا، وَقد يكون المُرَاد نفس الِابْتِلَاء بِالتَّسْلِيمِ. على أَن الْحِكْمَة ظَاهِرَة هَاهُنَا: وَهُوَ أَنه إِذا كَانَ الْمَيِّت رجلا فللقيام عِنْد صَدره وَجْهَان: أَحدهمَا أَنه كالمواجهة لَهُ بِالدُّعَاءِ. وَالثَّانِي: أَن صَدره وعَاء لِلْقُرْآنِ وَالْعلم. فَأَما الْمَرْأَة فالحكمة فِي الْوُقُوف عِنْد وَسطهَا من ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا أَن الْقرب من وَجههَا يُوجب فكر الْإِنْسَان فِي محَاسِن الْوَجْه، وَكَذَلِكَ فِيمَا سفل، فَكَانَ التَّوَسُّط أولى. وَالثَّانِي: أَن قيام الْإِنْسَان فِي وَسطهَا فِيهِ نوع ستر للْمَرْأَة عَن الْمَأْمُومين؛ لِأَن الْقيام عِنْد وَجههَا يرى مَعَه معظمها، وَكَذَلِكَ عِنْد مؤخرها، وَمَا كَانُوا يحملون إِلَّا على النعش. وَالثَّالِث: أَن الَّذِي تمت بِهِ الْمَرْأَة حملهَا للأولاد، فالوقوف فِي وَسطهَا إِشَارَة بِلِسَان الْحَال إِلَى السُّؤَال بِمحل حمل الْمُؤمنِينَ.
504 - / 609 - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى الصُّبْح أقبل عَلَيْهِم بِوَجْهِهِ فَقَالَ: " هَل رأى أحد مِنْكُم البارحة رُؤْيا؟ ". [15] ذكر " البارحة " تجوز من بعض الروَاة، لأَنهم كَانُوا يروون بِالْمَعْنَى،