[15] وَمعنى فاستنكهه: شم ريح فَمه، والنكهة: ريح الْفَم، وَكَأَنَّهُ ظن أَنه سَكرَان لأجل إِقْرَاره بِمَا يُوجب الْحَد. [15] وَقَوله: " أحاطت بِهِ خطيئته " ذكر فِيهِ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أحاطت بحسناته: أَي أحبطتها، لِأَن الْمُحِيط أَكثر من المحاط بِهِ، فَيكون كَقَوْلِه: {وَإِن جَهَنَّم لمحيطة بالكافرين} [التَّوْبَة: 49] وَقَوله: {أحَاط بهم سرادقها} [الْكَهْف: 29] وَالثَّانِي: أحاطت بِهِ: أهلكته، كَقَوْلِه: {إِلَّا أَن يحاط بكم} [يُوسُف: 66] . [15] وَقد ذكرنَا فِيمَا تقدم أَن كتمان الْمعاصِي أفضل من إظهارها، غير أَن ماعزا والغامدية لم يعلمَا بذلك، وَغلب عَلَيْهِمَا خوف الله عز وَجل وَالْغَضَب على النَّفس فِي إقدامها على الْمنْهِي، فَأَسْلمَا أَنفسهمَا إِلَى الْحَد، وَذَلِكَ من أحسن التَّوْبَة وأصحها.
492 - / 597 وَفِي الحَدِيث الرَّابِع: أَن امْرَأَة قَالَت: كَانَ على أُمِّي صَوْم شهر، قَالَ: " صومي عَنْهَا ". [15] ظَاهر هَذَا أَنه كَانَ عَلَيْهَا نذر، وَعِنْدنَا أَن الْوَلِيّ يَصُوم عَن النَّاذِر، فَأَما إِذا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاء رَمَضَان واتسع الْوَقْت لقضائه فَلم يقضه فعندنا يطعم عَنهُ وَلَا يصام. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَدَاوُد: لَا يصام وَلَا يطعم عَنهُ لَا فِي النذور وَلَا فِي قَضَاء رَمَضَان إِلَّا أَن يُوصي بذلك. وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد: يطعم عَنهُ فيهمَا. وَفِي الْقَدِيم: يصام فيهمَا.