لما كَانَ الْفَقِير فاقدا لِلْمَالِ الَّذِي يتسبب بِهِ إِلَى الْمعاصِي وَيحصل بِهِ البطر والشبع وَالْجهل وَاللَّهْو، بعد عَمَّا يقرب إِلَى النَّار. وَلما كَانَ الْأَغْلَب على النِّسَاء الشِّبَع والبطر وَالْجهل وَاللَّهْو لازمهن مَا يحمل إِلَى النَّار.
فَإِن قيل: إِذا كَانَ هَذَا فضل الْفقر، فَلم استعاذ مِنْهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟
فَالْجَوَاب: أَن قوما يَقُولُونَ: إِنَّمَا استعاذ من فقر النَّفس، وَالصَّوَاب أَن يُقَال: الْفقر مُصِيبَة من مصائب الدُّنْيَا، والغنى نعْمَة من نعمها، فوزانهما الْمَرَض والعافية، فَيكون الْمَرَض فِيهِ ثَوَاب لَا يمْنَع سُؤال الله الْعَافِيَة.
456 - / 557 - وَفِي الحَدِيث الثَّالِث: " من صلى قَاعِدا فَلهُ نصف أجر الْقَائِم، وَمن صلى نَائِما فَلهُ نصف أجر الْقَاعِد ".
هَذَا مَحْمُول على أَن من أطَاق الْقيام فِي التَّنَفُّل فَاخْتَارَ الْقعُود، أَو أطَاق الْقعُود فَاخْتَارَ الِاضْطِجَاع. فَأَما الَّذِي يمنعهُ عَجزه فنيته تتمم.
وَأما صفة صَلَاة الْقَاعِد فَإِنَّهُ يُصَلِّي متربعا ويثني رجلَيْهِ فِي حَال سُجُوده، فَإِن عجز عَن الْقعُود صلى على جنبه الْأَيْمن مُسْتَقْبل الْقبْلَة بِوَجْهِهِ، وَإِن صلى مُسْتَلْقِيا على ظَهره وَرجلَاهُ إِلَى الْقبْلَة جَازَ وَإِن كَانَ تَارِكًا للاستحباب، وَعند أَصْحَاب الرَّأْي أَن هَذَا هُوَ الْمُسْتَحبّ. وَكَانَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ يَقُول: لَا أحفظ عَن أحد من أهل الْعلم أَنه رخص فِي صَلَاة التَّطَوُّع نَائِما كَمَا رخصوا فِيهَا قَاعِدا، فَإِن صحت هَذِه اللَّفْظَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم تكن من كَلَام بعض الروَاة أدرجه فِي الحَدِيث